للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصل المعلول من أي شخص كان، فهذه فوائد الإظهار في مواضع الإضمار.

{وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤)} يشيرون إلى المنذر منهم، وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم - {سَاحِرٌ كَذَّابٌ} جمعوا بين وصفين ذميمين: ساحر؛ لأنه يسبي عقول الناس، وكذاب، لأن ما جاء به كذب غير مطابق للواقع، فصار الرسول عليه الصلاة والسلام الذي هو أصدق الخلق، صار عندهم كذاباً، ولم يقولوا: كاذباً، لأن كذاباً تكون صفة للمتصف بصفة الكذب، كما تقول: نجار وحداد وما أشبه ذلك مما يكون صفة لازمة، فهم قالوا: إنه ساحر لقوة تأثيره على سامعه، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع الناسُ قراءتَه تأثروا بها تأثراً عظيماً، وكانت النساء والصبيان يجتمعون إلى بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليسمعوا قراءته، وكانوا يتأثرون بهذه القراءة، فكان كفار قريش يقولون: إن محمداً سحر أبناءنا ونساءنا، وأنه ساحر، لقوة تأثيره فيهم، وكذاب، يعني أن ما جاء به فهو كذب لا حقيقة له. والكاذب هو المخبر بخلاف الواقع. فكل من أخبرك بخلاف الواقع فقد كذبك.

الفوائد:

١ - في هذا دليل على سفه قريش الذين كذبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - , واستنكروا ما جاء به. ووجه ذلك أنه لم يأتهم أحد غريب عليهم لا في جنسه، ولا في نسبه، فالذي جاءهم جنسه بشر مثلهم، ونسبه منهم من قريش، ومع ذلك يعجبون استنكاراً مما جاءهم.

<<  <   >  >>