باطلهم بالسياج الذي يمنع من الوصول إليه على وجه يمزق هذا الباطل.
٣ - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن للاجتماع على الشيء تأثير في بقائه وثباته. تؤخذ من التواصي بالثبات على ما هم عليه، والصبر على آلهتهم. ولا شك أن العمل الجماعي أكثر تأثيراً من العمل الفردي مهما كان الفرد في القوة، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن نتزوج الودود الولود من أجل كثرة الأمة (١)، فإن الكثرة لها تأثير عظيم، ولهذا امتن الله بها في كتابه على بني إسرائيل حيث قال:{وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}[الإسراء: ٦]، وذكَّر شعيب قومه بها حيثْ قال:{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ}[الأعراف: ٨٦]، والعامة يقولون: الكثرة تغلب الشجاعة.
٤ - ومن فوائدها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول قولاً يعني به ما يقول؛ لقولهم:{إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}.
٥ - ومن فوائدها أيضاً: أن الإنسان إذا عنى ما يقول فإن تأثيره في المخاطَب أكثر، لأن الخطاب يكون باللسان، واللسان وسيلة للتعبير عن ما قي القلب، ثم إن كان اللسان يعبر عن ما في القلب حقيقة، فإن الوسيلة التي تتلقى هذا القول وهي الأذن، توصل ما تسمع إلى القلب، ولهذا يقول العامة: إذا خرج الكلام من اللسان فلن يتجاوز الآذان، وما خرج من القلب نفذ إلى القلب، وهذا
(١) انظر حديث أنس بن مالك في "مسند الإمام أحمد" ٢٠/ ٦٣ (١٢٦١٣)، وحديث معقل بن يسار عند أبي داود (٢٠٥٠)، والنسائي ٦/ ٦٥ - ٦٦ (٣٢٢٧).