للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم معاندون لا يريدون الحق، ونعلم أنه لو نزل على غير محمد - صلى الله عليه وسلم - لطلبوا أن يكون نزل على غيره؛ لأنهم لم ينفوا الرسالة حقيقة من أجل شخصية محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن شخصيته عندهم من أفضل الشخصيات، وأقواها أمانة، وأحسنها خلقاً، ولكن يقولون هذا على سبيل العناد والمكابرة، فهو كقولهم لما حدثوا بالبعث: {قَالُوا ائْتُوا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الجاثية: ٢٥] وهذا مكابرة منهم، لأنهم لم يُحَدَّثوا بالبعث الآن، وإنما حُدِّثوا بالبعث يوم القيامة، فلم يأتِ الموعد الذي حُدِّد للبعث حتى يتحدوا بهذا التحدي فيقال لهم: إن الله يميتكم ثم يحييكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة، والرسل ما قالت لهم: إنكم تبعثون الآن حتى تقولوا: هاتوا آبائنا، وإنما يقولون: ستبعثون يوم القيامة، وسيأتي الله بآبائهم ومن سبقهم.

وقول المؤلف رحمه الله: [ليس بأكبرنا ولا أشرفنا]، أما قولهم: ليس بأكبرنا، إن كانوا قالوه فهم صادقون، فالرسول ليس بأكبرهم سناً، فيهم من يكبره سِنّاً، وأما قولهم: ولا أشرفنا، فهم كاذبون، فإن محمداً - صلى الله عليه وسلم - أشرف الخلق. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كِنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" (١)، وقال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] فلم يجعل رسالته إلا في أحق الناس بها، وأجدرهم بها، وأولاهم بها.


(١) أخرجه بنحوه مسلم كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢٢٧٦).

<<  <   >  >>