يقول المؤلف:[أي: لم يُنزل عليه] هذا تفسير للاستفهام في قولهم: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} أي: أن الاستفهام للنفي، لكنه جاء على سبيل الاستفهام؛ للتعجب والاستبعاد من أن يُنزل عليه الذكرُ من بينهم.
قال الله تعالى:{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} بل: إغراء لإبطال ما ادعوه من كونهم يريدون أن ينزل القرآن على أشرفهم. يقول: هم في شك من ذكري، فكيف يقولون: لو نزل على أشرفنا، لو نزل على غير محمد، والشَّاكُّ في الأصل لا يطلب الفرع أصلاً، فإذا كانوا في شك من نزول هذا الذكر، بقطع النظر عن كونه من محمد - صلى الله عليه وسلم - فكيف يقولون:{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} وعلى هذا فقولهم ليس مبني على أصل. يعني أنهم لم يؤمنوا بهذا الذكر أصلاً فضلاً عن أن يكون أنزل على محمد أو غيره.
{مِنْ ذِكْرِي} قال المؤلف: [وَحْيِيْ، أي: القرآن، حيث كذبوا الجائي به]، فإن من كذب من جاء بالشيء فإنه منكر للشيء؛ لأنه لو قال لك قائل: قَدِم فلان اليوم، فقلت: أنت كاذب، هل تكون مؤمناً بقدومه؟ لا، لا تكون مؤمناً بقدومه، وكيف تكون مؤمناً بقدومه وهو لم يأتك إلا من هذا الطريق الذي زعمت أن صاحبها كذاب، ولهذا إذا كان هذا الذكر لم يأتِ إلا عن طريق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: إنه كاذب، وإنه ليس برسول، وليس له حق في الرسالة؛ لأنه يوجد مَن هو أحق منه، فكيف تقولون بأنه ذِكْر. إذاً هم في شك من هذا الذكر، وهل هذا الشك حقيقة أو على سبيل العناد؟