٤ - ومن فوائد قوله تعالى: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨)}: أن هؤلاء يريدون أن يكون الشرع تابعاً لأهوائهم، يأتي الوحي من يشاؤون، ويمتنع عن من يشاؤون؛ لقوله:{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}.
٥ - ومن فوائدها: أن صاحب الباطل لا يعرف أن حجَّتَه حجَّة عليه، لأن قولهم:{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} هي حجة فيما لو نزل الذكر على من يشاؤون، لأنه لو نزل على مَن عيّنوه وأرادوه، لقال غيرهم:{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} ويتفرع على هذه الفائدة كل مُبْطِل يحتج بحق، لكن استدلاله به باطل، فإنه لا حجة له، ومن ذلك ما يحتج به أهل التحريف في باب الصفات أو غيرها من الأدلة الصحيحة التي ليس لهم فيها استدلال. فمثلاً أهل التعطيل يستدلون لتعطيلهم بقول الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] ومن المعلوم أنه عند التأمل يكون هذا الدليل حجة عليهم، لأن نفي المماثلة يدل على ثبوت أصل المعنى، ولو لم يكن أصل المعنى ثابتاً لم يكن لنفي المماثلة فائدة. وهكذا كل مبطل يحتج لباطله بحجة صحيحة، لكن استدلاله بها غير صحيح، نجد أن هذه الحجة حجة عليه. وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه "درء تعارض العقل والنقل" المعروف بالعقل والنقل أنه ملتزم بأنه ما من صاحب باطل يحتج بآية أو حديث صحيح إلا كان دليله حجة عليه وليس له.