قال المؤلف رحمه الله: [إن زعموا ذلك {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (١٠)}] كأن المؤلف رحمه الله جعل قوله: {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} جواباً لشرط مقدر، يعني إن زعموا أن لهم ملك السماوات والأرض، {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ}[الموصلة إلى السماء، فيأتوا بالوحي، فيخصوا به من شاؤوا].
قوله:{فَلْيَرْتَقُوا} الفاء واقعة في جواب شرط مقدر، أي: فإن زعموا ذلك فليرتقوا، واللام: لام الأمر، وسكنت لوقوعها بعد فاء العطف، لأن لام الأمر تسكن إذا وقعت بعد الفاء وثم والواو، قال الله تعالى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩] هذه بعد ثم، {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩] هذه بعد الواو، {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}[الحج: ١٥] هذه بعد الفاء، بخلاف لام التعليل فإن لام التعليل تكون مكسورة ولو وقعت بعد هذه الحروف، كما قال تعالى:{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا}[العنكبوت: ٦٦] ولم يقل: وليتمتعوا، لأن اللام للتعليل، فلام التعليل تكون مكسورة دائماً، ولام الأمر تكون مكسورة إلاّ إذا وقعت بعد الواو والفاء وثم، ولهذا قال:{فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}[الحج: ١٥] فاللام هنا للأمر، والظاهر أن المراد بالأمر هنا التحدي. يعني إن كانوا صادقين فليرتقوا في الأسباب، والأسباب: جمع سبب وهو كل ما يوصل إلى المقصود، وهذه الآية نظير قوله تعالى:{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}[الحج: ١٥] أي: بشيء يوصله إلى السماء كالحبل {ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}[الحج: ١٥] فهنا قال: