رحيم؟ المغفرة والرحمة لا تتناسب مع النكال، فقال الأعرابي للقارئ: أعد، قال:(والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم) قال: أعد ما هكذا الآية، قال:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[المائدة: ٣٨] قال: الآن عزّ وحكم فقطع، ولو غفر ورحم ما قطع سبحانه وتعالى، ولهذا قال الله تعالى في سورة المائدة في الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٣ - ٣٤] فأخذ العلماء من هذه الآية أنهم إذا تابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم الحد, لأن الله قال:{فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فإذا غفر لهم ورحمهم، فإنهم لا يقام عليهم الحد.
وفي هذه الآية {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩)} مناسبة ظاهرة, لأن الله ذو رحمة، وذو عزة وغلبة، وذو هبة وعطاء، فيعطي من شاء بما تقتضيه عزته من خزائن رحمته.
لكن بعض الآيات تكون فواصلها مخالفة لمضمونها فيما يظهر، مثل قول عيسى عليه السلام: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ