ويحكم عليها، والمناظر هو الذي يناقشها مع غيره، فمن فوائد النظر والمناظرة أن الإنسان لا يفرض شيئًا على وجه التحدي إلا إذا علم أنه غير ممكن للمُتحدَّى, لأنه لو فرض شيئًا يتحدّى به، ثم أتى به المُتحدَّى، بطلت حجته وانهارت، وانهارت قوة المدافعة والمهاجمة، كما هو معلوم، من أن يرتقوا إلى السماء والله أعلم.
٩ - ومن فوائد هذه الآية: أن بعض العلماء أخذ منها أنه لا يمكن الوصول إلى القمر, لأن الله قال: {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (١٠)} ثم قال: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ} ومعلوم أن القمر في السماء، فإذا كان هؤلاء الذين يحاولون أن يرتقوا في الأسباب إلى السماء، جندًا حقيرين مهزومين، فإنه لا يمكن أن يصلوا إلى القمر، فهل يمكن أن يؤخذ هذا من هذه الآية؟ ظاهر الآية أنه ممكن أن نأخذ من هذه الآية دليلًا على أن الناس يصلون إلى القمر، إذا كان هذا ظاهر الآية فمعناه أن الآية دلت على إمكان الوصول إلى القمر، وهذا عكس ما استدل به بعض الناس، والحقيقة أنه لا يمكن أن يكون فيها دليل على الامتناع من الوصول إلى القمر, لأن القمر في السماء، التي بمعنى العلو، وليس في السماء التي جعلت سقفًا محفوظًا، وهذا أمر مؤكد لا يختلف فيه اثنان، وإذا كان السحاب في السماء، ويطلق عليه سماء، كما قال تعالى:{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}[الرعد: ١٧] والناس الآن يصعدون فوق السماء الذي هو السحاب. كثير منكم ركب الطائرة وهي فوق السحاب، والسحاب تحتها، فكذلك القمر في السماء، قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ