بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: ٦١] فلا شك أن القمر في السماء، ولكن هل هو في السماء التي هي السقف المحفوظ الذي لا يدخل إليه أشرف الملائكة وأشرف البشر إلا باستئذان؟ لا، قطعًا، بل هو تحته بكثير، إذن نقول: إنه ليس في الآية دليل على استحالة الوصول إلى القمر، كما إنه ليس فيها دليل على إمكان الوصول إلى القمر، ويترك هذا الأمر للواقع، فإذا صح أنهم وصلوا إلى القمر فإن الشرع لم يقل باستحالة ذلك، وإذا لم يصح فإن الشرع لا يثبته. فإذا قالوا: وصلنا إلى القمر وثبت ذلك، قلنا: الحمد لله، هذا لا يعارض شرعنا، لا يعارض كتاب الله ولا سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ومعلوم أن القمر تحت النجوم، والنجوم قال الله فيها:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}[الملك: ٥] لكن القمر تحتها، وأنا وغيري شاهدنا أن القمر حجب النجوم، وأنا شاهدت ذلك بعيني، كان القمر يساير النجمة التي تسمى نجمة الصباح، ومعروف أن القمر يتأخر فإذا بها تختفي، لم نعد نشاهدها، فصار كما لو جاءت سحابة فحالت بيننا وبين القمر. وحدثني من أثق به، قال: إن هذا قد يقع أحيانًا ونشاهده. إذًا القمر ليس في السماء التي هي السقف المحفوظ، فإذا ثبت أنهم وصلوا إليه فلا غرابة في ذلك. إذًا ليس في الآية دليل على انتفاء الوصول إلى القمر.
١٠ - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: بيان قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ، وأن الجنود مهما عظموا، حقيرون بالنسبة إلى قوة الله عَزَّ وَجَلَّ وعزته، مهزومون أمام قوته، ولهذا قال:{مَهْزُومٌ}.