{أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} يحتمل أن تكون مبتدأ وخبر، يعني أولئك هم الأحزاب الذين كذبوا الرسل فأهلكناهم، ويحتمل أن تكون الأحزاب صفة لأولئك.
وقوله:{إِنْ كُلٌّ} الجملة خبر المبتدأ، قال المؤلف: [{إِنْ} ما {كُلٌّ}] أي: أن "إنْ" نافية، وقد سبق لنا أن قلنا: إن "إنْ" تستعمل في اللغة العربية على وجوه: النفي، والشرط، والمخففة من الثقيلة، والزائدة. قال المؤلف: [{إِنْ كُلٌّ} ما كل من الأحزاب {إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ}]، كلٌّ مِنْ هؤلاء الأحزاب كذب الرسل، والرسل: جمع رسول، {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ} أي: كل حزب كذَّب رسولَه، وعلى هذا فالجمع موزَّع على الجمع الذي قبله توزيع أفراد، أو هو توزيع جملة؟ أي: كل حزب كذَّب جميعَ الرسل؟ المؤلف مشى على الثاني، قال:[لأنهم إذا كذبوا واحدًا منهم، فقد كذبوا جميعهم، لأن دعوتهم واحدة، وهي دعوة التوحيد] فمشى - رحمه الله - على أن الجمع موزع على الأفراد توزيع جمع، يعني كل حزب كذب جميع الرسل، ويؤيد ما ذهب إليه - رحمه الله - قولُه تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء: ١٠٥] فإن الله ذكر أن قوم نوح كذبوا المرسلين، ومن المعلوم أنه لم يُبعث رسولٌ قبل نوح حتى نقول: إنهم كذبوا من سبق، وعلى هذا فيكون ما ذهب إليه المؤلف أرجح مما يحتمله اللفظ احتمالًا مرجوحًا، وهو أن يكون الجمع موزعًا على ما قبله توزيع أفراد.