للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: {وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} والأيكة فيها قراءتان (١)، قال المؤلف: [{الْأَيْكَةِ} أي: الغَيْضة وهم قوم شعيب عليه السلام] والغيضة: هي الأشجار اللتف بعضها إلى بعض، وكانوا في نعيم ولكنهم عصوا شعيبًا وسخروا منه {قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: ٩١] {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود ٨٧] يسخرون منه، وقال الله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: ١٨٩] قال أهل العلم: إنهم أصيبوا بحَرّ شديد جدًا، فأرسل الله غمامة لها ظل، فتنادوا إليها يستظلون بظلها، فكان ظلها أكثر إحراقًا من الشمس -والعياذ بالله- فأُتُوا من حيث أمنوا.

هؤلاء يقول الله عَزَّ وَجَلَّ فيهم: {أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} يعني أولئك الأحزاب العظماء الذين طغوا واستكبروا وكذبوا الرسل، فالإشارة هنا بصيغة البعد إما لدنو منزلتهم وبعدها عن الصواب، وإما لعلوها باعتبار حالهم التي كانوا عليها من الطغيان والعتو، وذلك لأن "أولئك" لا يشار بها إلا إلى الشيء البعيد علوًّا، أو نزولًا أو مساحة.

{أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} جمع حزب، والحزب هو الطائفة، قال الله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣٢] أي: كلّ طائفة.


(١) الأولى: (لَيْكَةَ) بلام مفتوحة من غير همز قبلها ولا بعدها، ونصب التاء، على أنه اسم غير منصرف للعلمية والتأنيث كطلحة، والثانية. (الأَيكةِ) بإسكان اللام وهمزة وصل قبلها، وهمزة قطع مفتوحة بعدها، وجر التاء على أنها مضاف إليه. "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٣٢.

<<  <   >  >>