وذهب بعض أهل العلم إلى أن الفرق: أن النبي هو من جدد شرع مَن قبله ولم يستقلّ بوحي، فهو يأتي بالشريعة السابقة، وأما الرسول فهو الذي يُجدَّد له الوحي، ويأتي بشرِيعة مستقلة، وهذا القول قد نقول: إنه جيد كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا}[المائدة: ٤٤] ولكنه ينتقض بآدم عليه الصلاة والسلام، فإن آدم نبي ولم يكن تابعًا لشريعة سابقة، والقول إذا انتقض فهو ضعيف غير معتمد عليه.
قال الله تعالى: {فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)} حق، أي: وجب وثبت، وقوله:{عِقَابِ} فاعل "حق" مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، أي: يكسر ما قبل ياء المتكلم ليناسب الياء، فالكسرة التي يؤتى بها لمناسبة الياء تسمى حركة المناسبة أو كسرة المناسبة، وهي تمنع من ظهور ضمة الإعراب وفتحته على آخر الكلمة.
والعقاب: هو المؤاخذة على الذنب، ولهذا سمي عقابًا؛ لأنه يأتي عقب الجريمة، فكل عذاب على جريمة فإنه يسمى عقابًا. وهذا العقاب الذي أنزله الله بهم هو عقاب مبني على العدل؛ لأن الله سبحانه وتعالى أضافه إلى نفسه فقال: {فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)}، ونحن نعلم أن الرب عَزَّ وَجَلَّ لا يظلم أحدًا أبدًا، لا يزيد في سيئاته، ولا ينقص من حسناته، لكن لو كان العقاب من غير الله لكان يمكن أن يزداد على الجريمة، أما العقاب الذي أضافه الله لنفسه فهو عقاب عدل.