أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: ١ - ٢]، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بأن يُقال:
أما قوله: {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} فلأنه ذكر صفة عظيمة من صفات مَن تمسك بالقرآن وهي الصبر على الأذى في ذات الله.
وأما الثانية: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ} فقد ذكر شيئاً من خصائص الوحي، وهو علم الغيب، فإن كون الروم غُلِبت الآن وستَغلِب في بضع سنين، من الأمر الذي لا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ، وهو من خصائص الوحي، وسواء كان هذا الجواب سديداً مقبولاً أم لم يكن، فإن النادر لا حكم له.
قال الله تعالى:{ص} نقول فيها: "ص" حرف هجائي ليس له معنى، لكن جيء به للإشارة إلى أن هذا القرآن الكريم الذي أعجز العرب كان من هذه الحروف التي يتركب منها كلامهم.
{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} الواو هنا: حرف قسم ولهذا جَرَّت الكلمة التي بعدها "القرآن". والواو حرف قسم لا تدخل إلا على الاسم الظاهر، ولا يُذكر معها فعل القسم، بخلاف باء القسم، فإنها تدخل على الاسم الظاهر، وعلى الضمير، ويُذكر معها فعل القسم، ويحذف، وتدخل على كل اسم. قال الله تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}[الأنعام: ١٠٩] فذكر معها فعلُ القسم. وتقول: ربي به لأفعلنَّ، أو أقسم به لأفعلن، فهنا دخلت على الضمير. أما التاء فهي أخص أدوات القسم، لا تدخل إلا على لفظ الجلالة "الله"،