ولا يُذكر معها فعلُ القسم. وقيل: تدخل على لفظ الجلالة "الله" وعلى "ربّ" قال ابن مالك: والتاءُ لله وربِّ، وأكثر ما يقسم اللهُ به الواو، وذلك لأنها الأكثر على الألسن، فجاءت الأكثر في القرآن. {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} ذي بمعنى صاحب، وهي مجرورة، لكنها مجرورة بالحرف نيابة عن الكسرة، وقوله:{ذِي الذِّكْر} قال المؤلف: [أي: البيان أو الشرف] يعني أن القرآن ذو ذكر، أي: ذو بيان للناس، يُذكِّرهم ويتذكَّرون به، أو ذو شرف لشرفه وشرف من يعمل به. قال الله تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف: ٤٤] فهو ذكر: يُذْكَرُ به ما ينفع الناس في معاشهم ومعادهم. وذكر: يتذكَّر به الناس ويتعظون به، وهو أعظم موعظة. وذكر: أي شرف لمن تمسك به.
قال المؤلف: [وجواب هذا القسم محذوف، إنما قال المؤلف: وجواب هذا القسم؛ لأنه ما من قسم إلا وله جواب. إذ إن القسم أركانه أربعة: مُقْسِم، ومُقْسَم به، ومُقْسَم عليه، وصيغة. فكل قَسَم لا بد فيه من هذه الأركان، والمقسم عليه هو جواب القسم إذن لا بد لكل قسمٍ من جواب، والجواب إن كان مذكوراً فهو معلوم، وإن كان محذوفاً فيعيّنه السياق. قال تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ}[النور: ٥٣] الجواب هنا مذكور {لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ}، وفي قوله تعالى:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}[التغابن: ٧] مذكور، جواب القسم {لَتُبْعَثُنَّ}.
وفي هذه الآية قد وجد المُقْسَم به والصيغة {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} والمُقْسِم هو الله عز وجل. بقي المُقْسَم عليه، وهو جواب القسم.