للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

توحيد الله ﷿ وإفرادِه بالعبادة، والتخلُّص من الشرك ومظاهره … إنها رسالة: نواقضُ الإسلام؛ لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب وتأتي أهمية مثل هذه الرسالةِ مِنْ أهمية موضوعهِا الذي تتناوله، إذ إنها تتعلقُ بأفضل العلوم وأشرفِها، ألا وهو «توحيد الله جلَّ وعلا»، وإفرادِه بالعباده، وتنزيهه تعالى وتقدَّس عن كلِّ عيبٍ ونقص.

نعم .. إنَّ هذه الرسالة جاءت في بيان أهمية التوحيد ببيان نقيضِه، والتحذيرِ منه، ومِن مظاهره، ووسائلِه، والتأكيدِ على ضرورة صيانته مِنْ أيِّ شائبة مِنْ شوائب الشِّرك؛ حتى يأتي العبدُ ربَّه جلَّ وعلا بقلب سليم مِنْ شوائب الشِّرك وأدران البدعة.

ومما يؤكدُ أهمية هذه الرسالة النافعة: «ضرورةُ معرفةِ الشِّرك، ومظاهرِه»، حتى يتسنى للعبد تجنبُّها، والحذرُ منها. وهذا الأمر معرفةُ الشَّر لاجتنابه هو منهجُ العقلاء في كل زمان وآن، فهُم يسعون في معرفة ما ينفعُهم في دينهم ودنياهم لإتيانه والتزامِه، ومعرفةِ ما يضرُّهم ويؤذيهم لاجتنابه والابتعاد عنه. ويدل لهذا المعنى قولُ حذيفةَ بن اليمان : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي (١). قال الشاعرُ:

عرفتُ الشرَّ لا للشرِّ … ولكنْ لتوقِّيه

ومَنْ لا يَعرفِ الشَّرَّ … مِنْ النَّاسِ يقعْ فيه (٢)

وثمة أمرٍ آخرٍ يجعلُ الحاجةَ لدراسة التوحيد، وبيانِ فضله، والتحذيرِ من الشرك ووسائلِه: ألا وهو ظهورُ وانتشارُ تلك الدعوى الباطلة، والمقولةِ الداحضة،


(١) رواه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة، رقم (٣٦٠٦)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، رقم (١٨٤٧)، وللبخاري عنه : تعلَّمَ أصحابي الخيرَ، وتعلمتُ الشَّرَ، رقم (٣٦٠٧).
(٢) البيتان لأبي فراس الحمداني، في ديوانه (٣٦٩).

<<  <   >  >>