للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأنَّه لا حاجة للحديث في التوحيد، وبيانِه، وعن الشركِ ووسائله؛ لأننا في مجتمعات إسلامية، نشأت على التوحيد، والعقيدة الصحيحة، فما الحاجة لإثقال كاهل المسلمين بالحديث عن أمرٍ تقرَّر عندهم، واستقر في قلوبِهم، والتحذيرِ مِنْ أمرٍ هم بمنأى عنه؟! زعموا.

ويتلخصُ الجواب على هذه الشبهة في جملةِ أمور، منها:

١ - تتأكد دعوةُ الناس إلى التوحيد، وتصفية العقيدة، وإخلاص العبادة لله جلَّ وعلا؛ لتعريف النَّاس بمقصدهم الأسمى في الدنيا، والهدفِ الذي مِنْ أجله أتوا لهذه الحياة، إنَّه «عبادةُ الله وحده، وإخلاصُ الدِّين له»، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] (١).

٢ - تفشيِّ مظاهر الشِّرك في أرجاء مختلفة من ديار المسلمين وبلادِهم، فضلًا عن غيرها من بلاد المشركين، بصورٍ عديدةٍ، وأساليب شتى. ومن ذلك:

أ- انتشارُ القباب والمشاهد على قبور الأولياء والصالحين وغيرهم، وهذا منتشرٌ شائع في كثيرٍ مِنْ بلاد الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ب- شدُّ الرِّحال إلى تلك المشاهدِ، ومساجدِ الأولياء والصالحين، وقبورِهم، والطوافُ حولها، والصَّلاةُ عندها.

ج- دعاءُ هؤلاء الصالحين مِنْ دون الله ﷿، والتوسلُ بهم، وصرْفُ ما لا يجوزُ صرْفُه لهم مِنْ العبادةِ، كالذبحِ والنَّذرِ لهم، والخوفِ والوجلِ مِنهم، واعتقادِ نفعِهم وضرِّهم، … إلى غير ذلك من العبادات القلبية والبدنية والمالية التي لا يجوز صرْفها بحالٍ لغير الله جلَّ وعلا.

د- تعظيمُ بعض الجهال لهؤلاء المقبوريين، سواء أولياء أو صالحين، أو غير


(١) قال العلامةُ السعدي : «هذه الغاية التي خلق اللهُ الجنَّ والإنسَ لها، وبعث جميعَ الرسل يدْعُون إليها، وهي عبادتُه، المتضمنةُ لمعرفته ومحبته، والإنابةِ إليه والإقبالِ عليه، والإعراضِ عما سواه» ا. هـ. [تيسير الكريم الرحمن (٤/ ١٧١٧)].

<<  <   >  >>