راهب، ولا نجدد ما خرب منها ولا ما كان مختطاً منها في خطط المسلمين في ليل ولا نهار، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، وأن ننزل من مر بنا من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم، ولا نأوي في كنائسنا ولا في منازلنا جاسوساً ولا نكتمه عن المسلمين، ولا نعلم أولادنا القرآن ولا نظهر شرعنا ولا ندعو إليه أحداً، ولا نمنع أحداً من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أراده، وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم ولا نتكنى بكناهم ولا نركب بالسروج، ولا نتقلد بالسيوف ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله معنا، ولا ننقش على خواتمنا بالعربية ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رؤوسنا ونلزم زينا حيثما كنا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ولا نظهر صلباننا، وكتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضرباً خفيفاً ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في حضرة المسلمين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاوزهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ولا نطلع على منازلهم.
فلما أتيت عمر رضي الله عنه بالكتاب زاد فيه: ولا نضرب أحداً من المسلمين، شرطنا ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه الأمان، فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطنا لكم وضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا، وقد حل منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق. فكتب عمر رضي الله عنه أن أمض ما سألوه، وألحق فيه حرفين واشترطهما عليهم مع ما شرطوه على أنفسهم أن لا يشتروا شيئاً من سبايا المسلمين، ومن ضرب مسلماً عمداً فقد خلع عهده. وروى نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام في النصارى: أن يقطع ركابهم وأن يركبوا على الأكف وأن يركبوا في شق، وأن يلبسوا خلاف زي لباس المسلمين ليعرفوا.
وروي أن بني ثعلبة دخلوا على عمر بن عبد العزيز فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا قوم من العرب افرض لنا. قال: نصارى؟ قالوا: نصارى. قال: ادعوا إلي حجاماً ففعلوا فجز من نواصيهم وشق من أرديتهم حزماً يحتزمونها، وأمرهم أن لا يركبوا بالسروج ويركبون الأكف من شق واحد. وروي أن أمير المؤمنين المتوكل أقصى اليهود والنصارى ولم يستعملهم وأذلهم وأقصاهم، وخالف بين زيهم وزي المسلمين وجعل على أبوابهم مثالاً للشياطين لأنهم أقرب لذلك وهم أهله، وقرب منه أهل الحق وباعد عنه أهل الباطل والأهواء، فاحي الله به الحق وأمات به الباطل، فهو يذكر بذلك فيترحم عليه ما دامت الدنيا. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا تستعملوا اليهود ولا النصارى، فإنهم أهل رشا في دينهم ولا يحل الرشا.
ولما استقدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري من البصرة وكان عاملاً عليها للحساب، دخل على عمر وهو في المسجد فاستأذن لكاتبه وكان نصرانياً فقال له عمر رضي الله عنه: قاتلك الله! وضرب بيده على فخذه، وليت ذمياً على المسلمين أما سمعت الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}(المائدة: ٥١) ألا اتخذت حنيفاً؟ قال: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. فقال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله. وكتب بعض العمال إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن العدد قد كثر