للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة: يجيء ما له يوم القيامة شجاعاً أقرع يتبعه يقول أنا مالك أنا كنزك! وكان هذا داخلاً في قوله تعالى {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (آل عمران: ١٨٠) .

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغنى ظلم وروى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (هود: ١٠٢) وروى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً! قالوا: يا رسول الله هذا أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تأخذون فوق يده. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: ناس معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت، لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها. وقال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} (الاسراء: ١٦)

وفي الآية تأويلان: أحدهما أنا أمرناهم بالطاعة ففسقوا أي خرجوا عن الطاعة، والثاني على قراءة المدني كثرنا عددهم وأسبغنا النعم عليهم فعصوا وبغوا.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة أي كثيرة النتاج.

واعلموا أن حشرات الأرض وهوامها تلهن العصاة، وقال مجاهد: إذا أشعثت الأرض تقول البهائم هذا من أجل عصاة بني آدم لعن الله عصاة بني آدم! وذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة: ١٥٩) . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الحسل ليموت هزلاً بذنب ابن آدم يعني أن بذنوب الخلق يمتنع القطر فلا تنبت الأرض، فتهلك الدواب والحشرات، وسمع أبو هريرة رضي الله عنه رجلاً يقول: إن الظالم لا يضر إلا بنفسه فقال: بلى والله إن الحبارى لتموت هزلاً في وكرها بظلم الظالم. وقال ابن مسعود: خطيئة ابن آدم قتلت الحسل. وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. فقال رجل: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: وإن كان قضيباً من أراك.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر الغلول في قوم قط إلا فشا في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا فشا فيهم الموت، ولا أنقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق، ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم، ولا خفر قوم العهد إلا سلط عليهم العدو. وقال بعض الحكماء: اذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند المقدرة قدرة الله عليك، ولا يعجبك امرؤ رحب الذراعين سفاك الدماء فإن له قاتلاً لا يموت. وروي أن بعض الملوك رقم على بساطه هذه الأبيات:

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً

فالظلم مصدره يفضي إلى الندم

تنام عيناك والمظلوم منتبه

يدعو عليك وعين الله لم تنم

لا شك دعوة مظلوم يحل بها

دار الهوان ودار الذل والنقم

وأنشدنا أبو عبد الله الدامغاني قاضي القضاة ببغداد:

إذا ما هممت بظلم العباد

فكن ذاكراً هول يوم المعاد

فإن المظالم يوم القصاص

لمن قد تزودها شر زاد

وقال سحنون بن سعيد: كان يزيد بن حاتم يقول: ما هبت شيئاً قط هيبتي رجلاً ظلمته وأنا أعلم أن لا ناصر له إلا الله، فيقول حسبك الله الله بيني وبينك. وقال بلال بن مسعود: اتقوا الله فيمن لا ناصر له إلا الله. وقال أبو سليمان الداراني: لما دخل إخوة يوسف عليه السلام عليه عرفهم ولم يعرفوه. وكان على وجهه برقع فخلى كبيرهم وكان ابن خالته وقال له: بم أوصاك أبوك؟ قال: بأربع.

<<  <   >  >>