للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فقال: هذه ليس من ذِكرِ الوالدَيْنِ، وإنما جاء ناسٌ من مُزَينةَ يَستحملونَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ


= "عامة أحاديثه مقلوبة". ثم قال الترمذي: "عطاء ثقة، روى عنه مثل مالك ومعمر، ولم أسمع أن أحدًا من المتقدمين تكلم فيه". اهـ.
قلنا: رحم الله البخاري! فإن مالكًا روى عن عبد الكريم بن أبي المخارق المجمع على ضعفه، وأين عبد الكريم من مثل عطاء الذي وثقه جمع من الأئمة ممن تقدم ذكرهم، ونص على الاحتجاج بحديثه أبو حاتم الرازي، وهو معروف بتشدده! ولذا لم يقنع الترمذي رحمه الله بكلام شيخه البخاري؛ فعقب على عبارته بعد حكايته لها بقوله: "عطاء ثقة ... " إلخ.
وقد ذكر البخاري بعض ما ينتقد على عطاء، ومنه ما رواه عن ابن المسيب في كفارة الوطء في نهار رمضان، وقدح سعيد بن المسيب في عطاء لذلك، وتأثر البخاري به، وذلك أنه - أي البخاري - أورد عطاء في "الضعفاء الصغير"، ولم يتكلم عنه بشيء، وإنما أورد بسنده عن القاسم بن عاصم قوله: قلت لسعيد بن المسيب: إن عطاء الخراساني حدثني عنك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي وقع على امرأته في رمضان بكفارة الظهار؟ فقال: كذب علي عطاء، ما حدثته، إنما بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "تصدق تصدق". اهـ.
وكلمة "كذب" بلغة أهل الحجاز بمعنى "أخطأ"، ونحن لا ننكر أن عطاء أخطأ في بعض ما روى، ولكن لم يصل به الخطأ إلى ترك الاحتجاج بحديثه، وإنما يعرف ما أخطأ فيه فيجتنب، ويحتج بما سوى ذلك، وحديثه في مرتبة الحسن كما تفيده عبارة أبي حاتم والنسائي، وهذا هو الذي رجحه الذهبي بقوله في "المغني في الضعفاء": "صدوق مشهور"، وجميع من ذكر عطاء في الضعفاء - كأبي زرعة والعقيلي وغيرهما - إنما اعتمد كلام سعيد بن المسيب وشعبة وموقف البخاري، ويجاب عنه بما تقدم.
وقد أسرف ابن حبان رحمه الله كعادته، فقال: "أصله من بلخ، وعداده في البصريين، وإنما قيل له: الخراساني؛ لأنه دخل خراسان وأقام بها مدة طويلة، ثم رجع إلى العراق، فنسب إلى خراسان، وكان من خيار عباد الله، غير أنه رديء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ ولا يعلم، فيُحمل عنه، فلما كثر ذلك في روايته؛ بطل الاحتجاج به". وتعقبه الذهبي في "ميزان الاعتدال" بقوله: "فهذا القول من ابن حبان فيه نظر، ولا سيما قوله: وإنما قيل له الخراساني ... ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>