للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شككنا في صحة وسلامة دوافعه، فإن العدل يوجب الإقرار بالفتنة التي يحدثها هذا الأمر، وهذا المعنى نفسه يدور في نفوس كثير من عامة المسلمين، ولا يفقهون الفرق بين ما تعمله بعض المصارف الإسلامية، أو بعض الفروع الإسلامية وما تعمله البنوك الربوية، إلا الزيادة التي يتحملها المسلم الحريص على دينه خوف الربا وظلمه!! وهذه معضلة تستعصي على الفهم"؛ إذ كيف تكون الزيادة (الفائدة) محرمة، في حال كون المصرف الربوي يصرح بذلك، وتكون الزيادة (الحيلة) مباحة في حال عدم التصريح بقصد الفائدة من قبل الفرع الإسلامي، بل ويعلن محاربتها، ولكنه يمارس معاملات هي في حقيقتها ذريعة لهذه الفائدة الربوية؟!.

في حين إن الأمر في حقيقته، خلاف ما يذكر هؤلاء، فهناك فرق بين قرض ربوي محرّم بالإجماع، وبين تمويل مشروع، مرتبط ببيع وشراء، وعرض وطلب، فالمنهج الإسلامي في التمويل يمنع مطلقاً إنشاء مديونية بهدف الربح إلا من خلال عملية حقيقية، عبر تبادل أو إنتاج سلع أو منافع أو خدمات، وبهذا يصبح الدين تلقائياً تحت السيطرة، لأن الهدف من التمويل أساساً هو تسهيل المبادلات والأنشطة الحقيقية. فالنشاط الحقيقي، وهو التبادل إما بغرض الاستثمار أو الاستهلاك، هو عماد النشاط الاقتصادي، والتمويل الإسلامي يضع التمويل في مكانه الطبيعي، ولهذا نجد أن جميع أساليب التمويل الربحي في الشريعة الإسلامية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالنشاط الحقيقي.

فالبيع الآجل والسلم والإجارة والمشاركة والمضاربة، وغيرها من الصيغ الإسلامية، جميعها تتضمن التمويل بصورة لا تنفك عن النشاط الحقيقي.

وبهذا يتلافى الاقتصاد الإسلامي مصادر الاضطراب والتقلب التي تهدد الاقتصاد في وجود الربا ونظام الفائدة؛ لأن القرض بفائدة ربوية تسمح بفصل

<<  <   >  >>