للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢) مُحرَّم لغيره، وهو ليس محرما لذاته؛ وإنما حرم لكونه وسيلة للوقوع في المحرم.

وهذا الضابط - وهو العقد المؤدي إلى محرم -، راجع إلى أصل عظيم من أصول الشريعة، وهو سد الذرائع، وهو أصل متفق عليه ومعمول به في الجملة، وإنما وقع الخلاف في بعض أنواعه، وفي بعض الفروع الفقهية التي تتفاوت فيها قوة وقوع المفسدة، وظهور القصد إليها.

وقد دل على تحريم التعامل بالعقد المؤدي إلى محرم أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، ومما يشهد لذلك:

الدليل الأول: قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: ٩].

وجه الاستدلال: أن الله تعالى نهى عن بيع وقت نداء الجمعة؛ لئلا يتخذ ذريعة إلى التشاغل عن حضورها، وهو أمر محرم، فدل ذلك على تحريم العقد المؤدي إلى محرم.

الدليل الثاني: حديث أنس بن مالك : (أن النبي لعن في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له) (١).

وجه الاستدلال: أن النبي لعن بائع الخمر، ومشتريها، والوسيط بينهما؛ لتسببهم في شربها، فدل ذلك على تحريم كل ما أدى لفعل محرم، أو أعان على فعل معصية.


(١) أخرجه الترمذي (١٢٩٥)، وابن ماجه (٣٣٨١).

<<  <   >  >>