للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يهمنا تقريره هنا: هو أن الإيداع المصرفي يختلف «عن الإيداع بمفهومه اللغوي والفقهي المعروف بمعنى الأمانة المحفوظة، وقد يرى بعضهم أن الإيداع لدى البنوك تغلب عليه فكرة الحفظ التي تقرب عقد الوديعة المصرفية من عقد الوديعة المعروف، غير أن هذا التكييف يتعارض مع النتائج العلمية التي تترتب على الإيداع المصرفي، ومن أهمها استعمال البنك للنقود المودعة لمصلحته، ومن هنا فإن المبادئ الخاصة بعقد الوديعة لا تنطبق على الوديعة المصرفية، لأنه فيما عدا الحالة الاستثنائية إيداع نقود بذاتها - وهذا أمر نادر عملياً - فإن البنك لا يقصد أبداً المحافظة على النقود التي تلقاها بعينها بل يقصد استخدامها على أن يرد مثلها، وهذا بالإضافة إلى أنه ما دام البنك مأذوناً له في استعمال الوديعة فقد سقط عنه التزام الحفظ حيث الوديعة تهلك بالاستعمال.

وإذا نظرنا إلى تكييف الوديعة في الفقه الإسلامي فهي رغم أنها - كما يفهم من كلام الفقهاء - لا تخرج عموماً عن كونها توكيلاً أو استنابة في حفظ المال إلا أنها إذا كان مأذوناً فيها باستعمال الشيء المودع و الانتفاع به تصبح عارية، وإذا كان هذا الشيء نقوداً أو شيئاً مثلياً مما يهلك باستعماله فإن العارية تنقلب إلى قرض» (١).

جاء في المبسوط: «عارية الدراهم والدنانير والفلوس قرض؛ لأن الإعارة إذن في الانتفاع ولا يتأتى الانتفاع بالنقود إلا باستهلاك عينها، فيصير مأذوناً في ذلك» (٢).


(١) البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق، د. عبد الله الطيار (ص: ٤٥٠).
(٢) المبسوط (١١/ ١٤٤).

<<  <   >  >>