للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اعتنى فقهاؤنا بأبواب المعاملات، وأصلوا هذه الأبواب، وذكروا فيها قواعد جامعة، يستطيع الإنسان وطالب العلم الانطلاق منها، حتى إن فقهاءنا ذكروا معاملات لم تقع؛ حتى إذا وقعت يكون طالب العلم على معرفة وإلمام بها، ولذلك لا تجد كتاب فقه إلا وفيه قسم مخصص لأبواب المعاملات.

ومما يبين أهمية تعلم فقه المعاملات المالية عموماً، وعقود التمويل على وجه الخصوص أن «هذه المعاملات المعاصرة التي يتعامل بها الناس اليوم قد أصبح التعامل بها منتشرا في كثير من أقطار الأرض، فالعالم الآن كما يقال أصبح كالقرية الواحدة وارتبط بعضه ببعض، ونشأ ما يسمى بالاقتصاد العالمي، ولهذا يستطيع الإنسان أن يحوّل أي مبلغ مالي لأي دولة في العالم، وذلك بسبب ارتباط هذا الاقتصاد بعضه ببعض.

وهذا الاقتصاد قد ارتبطت به البنوك، والإشكالية الكبيرة هنا، هو أن نظرة الإسلام لبعض العقود المالية تختلف اختلافا جذريا عن نظرة هذا الاقتصاد العالمي الذي قد ارتبطت البنوك به، تختلف في الأصل؛ ولذلك لا تعجب عندما يفتي بعض مشايخنا بمنع كثير من التعاملات البنكية، مع أن الأصل في باب المعاملات الحل والإباحة، وذلك بسبب أن هذه البنوك وما يسمى بالاقتصاد العالمي تختلف - في نظرتها - من الجذور، عن نظرة الإسلام، وأضرب لهذا مثالين:

المثال الأول: القرض " عقد القرض ":

القرض: هو دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله، هذا تعريفه عند الفقهاء. كيف ينظر الإسلام للقرض؟ وكيف تنظر البنوك للقرض؟

الإسلام ينظر للقرض على أنه من عقود الإرفاق والإحسان، ولهذا فإن صورة القرض في الأصل صورة ربوية؛ فمثلا عندما تقرض آخر عشرة آلاف ريال، هذا

<<  <   >  >>