وهذه الحالة اختلف العلماء المعاصرون فيها على قولين:
القول الأول: تحريم هذه المعاملة، وإليه ذهب فقهاء المالكية، ومن المتأخرين الشيخ محمد العثيمين ﵀، د. محمد سليمان الأشقر ﵀، د. بكر بن عبد الله أبوزيد ﵀، د. رفيق المصري، حتى وإن كان الوعد الذي بين العميل والبنك غير ملزم.
قالوا: إن هذه المعاملة محرمة، واستدلوا على ذلك بأن هذه المعاملة ما هي إلا حيلة على الربا، فالبنك لم يشترِ السلعة إلا لأجل أن يبيعها على العميل، فهو يشتريها بثمن ثم يبيعها بثمن أعلى، فيكون قد أقرض العميل مبلغًا من المال، وطالبه بسداد مبلغ أكثر، والسلعة إنما أُوتي بها حيلة، وإنما الغرض من ذلك أن يقرضه ثمانين ألفاً على أن يردها مائة ألف، فقالوا: هذه حيلة ربوية، ولهذا ذكر هذه المسألة أو هذه الصورة فقهاء المالكية من صور بيع العينة، فجعلوها من العينة.
ويجاب عن هذا: إن هذا ليس بحيلة وغير مُسَلَّم ذلك؛ لأن البنك يتملك السلعة حقيقة، وتكون في حيازته وفي قبضته، فهنا العقد حقيقي وليس صوريًا، وليس حيلة، ولهذا لو تلفت السلعة قبل أن يبيعها البنك على العميل فإنها تتلف على البنك؛ فهو قد تملكها حقيقة.
القول الثاني: جواز بيع المرابحة للآمر بالشراء من حيث الأصل، وهو ما ذهب إليه الجمهور الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وإليه ذهب عامة العلماء المعاصرين، وبهذا صدر قرار عدد من المجامع الفقهية كمجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع للمنظمة، وكل الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية على هذا القول.
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:
١) عموم النصوص من كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ الدالة على حل جميع أنواع البيع إلا ما استثناه الدليل الخاص.
٢) أن الأصل في المعاملات والبيوع الصحة والجواز، ولا دليل على المنع.