للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَغْفِلَتِ العِبَادَةَ والذكْرَ، (وغَارَتِ النُّجُومُ) يعنِي: تَوَارتِ النُّجُومُ في مَغِيبِها، (وأَنْتَ الحَيُّ القَيُّومُ) يعني: القَائِمَ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبتْ.

* قالَ أبو مُحَمَّدٍ: عبدُ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ الذي حَدَّثَ مَالِكٌ بِحَدِيثهِ عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ عبدِ اللهِ الصُّنَابِحِيِّ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ عندَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ" [٧٤١]، ليسَ هُوَ بِمَعْرُوفٍ في الصَّحَابةِ، وإنَّما المَعْرُوفُ في التَّابِعِينَ أَبو عبدِ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ، واسْمُهُ: عبدُ الرَّحمنِ بنُ عُسَيْلَةَ، وأَمَّا عَبْدُ اللهِ الصنَابِحيُّ فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، ولَذِلَكِ لمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِحَدِيثهِ في النَّهِي عَنِ التَّنَفُّلِ عندَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ، والثَّابِتُ في هذَا حَدِيثُ أَبي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بعدَ الصُّبْحِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وعَنِ الصَّلَاةِ بعدَ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" [٧٤٥].

* قِيلَ لأَبي مُحَمَّدٍ: فقدْ تَنَفَّلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ العَصْرِ، فقالَ: هذَا خَاصٌّ لَهُ - عليهِ السَّلاَمُ -، وذَلِكَ أَنَّهُ نَهَانَا نَحْنُ عَنِ التَّنَفُّلِ بعدَ صَلَاةِ العَصْرِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وقدْ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نَهَيْتُكُم عَنْ شَيءٍ فَانتهُوا، وإذا أَمَرْتُكُم بِشَيءٍ فَاتُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ" (١)، فَنَوَاهِيه - صلى الله عليه وسلم - ألزَمُ مِنْ أَوَامِرِه، فَلَيْسَ لنَا أَنْ نَسْتَبِيحَ شَيْئَا مِمَّا قدْ نَهَانا عنهُ، وإنْ فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ الشَّيءَ الذي نَهَانَا عَنْهُ، وقدْ كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ المُنْكَدِرَ على صَلَاةِ النَّافِلَةِ بعدَ العَصْرِ [٧٤٧]، وَهُو يَعْلَمُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قدْ كَانَ يَتَنَفَّلُ بعدَ العَصْرِ في بَيْتِهِ، وأنَّ هذَا لَهُ خَاصٌّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمْ [يَمْنَعْهُ أَنْ يُنْزِلَهُ] (٢) في نَفْسِهِ ولا أَبَاحَهُ لِغَيْرِه.

وقالَ بَعْضُهُم: نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ والتَّنَفُّلِ [بَعْدَهَا] (٣) لِئَلَّا يُوَافِقَ المُصَلِّي عَبَدَةَ الشَّمْسِ الذينَ يُصَلُّونَ عندَ طُلُوعِهَا وعندَ غُرُوبِها، وهُمَا قَرْنَا الشَّيْطَانِ المَذْكُورَةِ في الحَدِيثِ.


(١) رواه البخاري (٦٨٥٨)، ومسلم (١٣٣٧)، من حديث أبي هريرة.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس واضحا في الأصل، وقد اجتهدت في وضعه.
(٣) ما بين المعقوفتين أصابه المسح، ووضعت ما يناسب السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>