للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى نَفْسِهِ بالزِّنَا عَنْ قَوْلهِ، وقَالَ: (إني مَا زَنَيْتُ)، سَقَطَ عَنْهُ الحَدُّ، إلَّا أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وقَدْ مَضَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الحَدِّ، فإنَّهُ لا يُقْبَلُ حِينَئِذٍ رُجُوعُهُ، لأَنَّهُ يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهُ نَدَمٌ.

قالَ مَالِكٌ: يَأْمُرُ الإمَامُ بالرَّجْمِ، ولَا يَتَولَّى هُوَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، ويُرْجَمُ المَرْجُومُ بِحِجَارَةٍ يُرْمَى بِمِثْلِهَا, ولَا يُرْجُمُ بالصُّخُورِ العِظَامِ، ولا يُرْفَعُ عَنْهُ حَتَّى يَمُوتُ، وُيخْلَى بَيْنَهُ وبَيْنَ أَهْلِهِ يُغَسِّلُونَهُ، ويُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَيدْفِنُونَهُ، ولَا يُصَلِّ عَلَيْهِ الإمَامُ، وذَلِكَ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصِلِّ عَلَى المَرْجُومِ، ولَمْ يَمْنَعْ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: يُرْجَمُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، ولَا يُحْفَرُ لَهُ حُفْرَةً.

وقالَ أَصْبَغُ: اسْتَحِبُّ الحَفْرَ للمَرْجُومِ، وذَلِكَ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ حُفْرَةً يُدْخَلُ فِيهَا، ويُشَدُّ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وتُتْرَكُ لَهُ يَدَاهُ يَتَّقِي بِهَا عَنْ وَجْهِهِ.

قالَ عِيسَى: إذا أَقَرَّتْ امْرأَة حَامِلٌ عَلَى نَفْسِهَا بالزِّنَا عِنْدَ السُّلْطَانِ صُنِعَ في أَمْرِهَا كَمَا صَنَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المَرْأةِ الحَامِلِ الَّتي أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا عِنْدَهُ بالزِّنَا، وَهِيَ سُنَّةُ سنَّهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وقَالَ غَيْرُهُ: إذا وَضَعَتِ الحَامِلُ المُقِرَّةُ عَلَى نَفْسِهَا بالزِّنَا اسْتَرْضَعَ الإمَامُ للمَوْلُودِ، واسْتَعْجَلَ إقَامَةَ الحَدِّ عَلَيْهَا، فإنْ لَمْ يَقْبَلِ المَوْلُودُ غَيْرَ ثَدْي أُمِّهِ أُخِّرَتْ حَتَّى يَتِمَّ رِضَاعَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِرَجْمِهَا فترْجُمُ.

* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: كَانَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ أنَّ المُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ بالزِّنَا لا يُرْجَمُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بالزِّنَا, ولَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَالِكٌ [٣٠٣٨] , لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أنيْسَ الأَسْلَمِيَّ أنْ يَسْأَلَ المَرْأَةَ الَّتي وَجَّهَهُ إليهَا: "هَلْ زَنَتْ أَمْ لا؟ " فَاعْتَرَفَتْ لَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَرَجَمَهَا, ولَمْ يَأْمُرْهَا أَنْ تَعْتَرِفَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنِ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَّة وَاحِدَة ولَمْ يَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُرْجَمُ.

قالَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - للرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَحَاكَمَا إليه: "لأَقْضَيَنَّ بَيْنكُمَا بِكَتَابِ اللهِ" [٣٠٤٠] , ثُمَّ قضى بَيْنَهُمَا بالرَّجْمِ، ولَيْسَ هُوَ في كِتَابِ اللهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>