للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة الثانية عشر لابد من التراضي في عقود المعاوضات والتبرعات والفسوخ الاختيارية]

وهذا الأصل محل إجماع من أهل العلم في جملة أحكامه وأن التراضى لابد منه، وأنه لا تصح العقود والفسوخ إلا إذا كانت عن اختيار، قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما البيع عن تراض" (٢)، وهذا محل إجماع كما سبق، لكن اختلفوا في بعض مسائله وهو ما يتعلق بالتراضى، فجمهور أهل العلم يقولون لابد من الرضا في جميع العقود، فالمكرَه الذي أكره على عقد من العقود لا يصح، فإن كان الإكراه في عقود مالية فهذا محل اتفاق، فمن أكره على


(١) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٢) أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب التجارات، باب: بيع الخيار رقم (٢١٨٥) من طريق عبد العزيز بن محمد عن داود بن صالح المدني عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره. . . ".
قال البوصيرى في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله موثقون، ورواه ابن حبان في صحيحه، وللحديث شاهد عند أبي داود (٣٤٥٤) "المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار"، والترمذى (٣/ ٥٥١) في كتاب البيوع رقم (١٢٤٨) "لا يتفرقن عن بيع إلا عن تراض" وكلاهما عن أبي هريرة، والإمام أحمد في مسنده (٢/ ٥٣٦) من طريق يحيى بن أيوب البجلى الكوفي قال: كان أبو زرعة إذا بايع رجلاً خيّره قال: ثم يقول: خيرني ويقول: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفترقنّ اثنان إلا عن تراض" وسنده جيد، ويحيى بن أيوب البجلى لا بأس به كما قال الحافظ في التقريب (٧٥١٠)، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال مرة: ضعيف.
فالحديث شاهد للحديث الذي قبله. والله أعلم.

<<  <   >  >>