لا يزول بالشك" هذه قاعدة مستنبطة من حديثين عن النبي - عليه الصلاة والسلام - من حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين، ومن حديث أبي هريرة في صحيح مسلم، ففي حديث عبد الله بن زيد أنه قال: شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" (١)، وجاء معناه - أيضاً - في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فصاغ أهل العلم من هذا الباب قاعدة وهي قولنا "اليقين لا يزول بالشك" وهو استنباط صحيح وواضح، وهي قاعدة متفق عليها.
* سادسًا: كم عدد القواعد؟:
اختلف أهل العلم في عددها، منهم من جعلها بالمئات، ومنهم من ردّها إلى قاعدة واحدة، وهذا الاختلاف في الحقيقة ليس اختلافاً معنوياً، مثلاً: العز بن عبد السلام - رحمه الله - ردّ الشريعة كلها إلى تحصيل المصالح، فهذه القاعدة عنده هي الأصل في هذا الباب وتجمع القواعد كلها، فالشريعة جاءت بتحصيل المصالح ودرء المفاسد، ويقول: إن تحصيل المصالح لا يحصل إلا بدرء المفاسد، فإذا وجدت المفاسد لم تحصل المصالح فهو راجع إلى تحصيل المصالح، وبعضهم
(١) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الوضوء (١/ ٤٦)، باب: لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، ومسلم في صحيحه في كتاب الحيض (٣/ ٥٠)، كلاهما من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبَّاد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد رضى الله عنه به فذكره. . "، وله شاهد من حديث أبى هريرة في صحيح مسلم من طريق سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة رضى الله عنه به مرفوعاً: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه، أَخرَجَ منه شيء أم لا. . . الحديث".