ومنها: الضرر لا يزال بالضرر، ويدل عليها ما ذكرنا في المثال السابق من الاعتداء على غيره لأجل استبقاء نفسه.
ومنها: إذا تعارضت مفسدتان روعى أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، وهذا أشرنا إليه، لأنه نوع ضرورة، فإذا كان هناك مفسدتان فإنه يرتكب أخفهما في دفع أعظمهما، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أم خاصة، وذكروا لهذه من الأمثلة في مسألة السَّلَمِ ومسألة الإجارة، فقالوا إن هذه حاجات تنزل منزلة الضرورة، وقالوا: إن هذه في القياس عقد على معدوم، وهذا ردّه شيخ الإسلام وابن القيم - رحمهما الله - وقالوا: إن هذا ليس بصحيح، بل إن السَّلَمَ عقد على شيء في الذمة، وليس عقدًا على معدوم، لكن هذا جار في بعض أنواع البيوع، فيجوز بيع البيت مع الجهالة في بعض الأشياء مثل الأساسات والحيطان، وكذلك نشتري أنواعًا من الفرو والملابس ولا يرى داخلها فعفي عن المجهول التابع والجهالة يسيرة؛ لأنها محل حاجات لأن هذا يحتاجه العامة والخاصة، قالوا مثل لو أن عنده إناء فانكسر فاحتاج إلى جبره بشيء من الفضة مع أنه يجد شيئاً من النحاس، فإنه يجوز أن يلحم بالفضة وإن كان يجد غير الفضة، أي لا يشترط في جبره بالفضة عدم وجود غير الفضة لأنه إذا لم يجد غير الفضة فإنه يكون في هذه الحالة ضرورة،
= وقال ابن المدينى: قلت لسفيان بن عيينة: عقبة بن وهب؟، فقال: ما كان ذاك فندرى ما هذا الأمر ولا كان من شأن يعنى الحديث، وأخرجه الطبراني ٩/ ٣٥٦، وأخرجه ٥/ ١٠٤.