للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخر في هذه المسألة:

أن المثلي ما له مثل يماثله أو يقاربه، وهذا هو أصح الأقوال وهو اختيار شيخ الإسلام - رحمه الله - ونصَره ابن القيم - رحمه الله - في إعلام الموقعين، وقاله جمع من أهل العلم، وهذا القول هو الذي يدل عليه القرآن والسنة والآثار عن الصحابة - رضى الله عنهم -، والقياس والقضاء الصحيح.

ولهذا يضمن الصيد إذا أتلفه بمثله أو ما يقاربه، فقضى الصحابة رضي الله عنهم في البعير بالنعامة، مع أن الفرق بينهما عظيم لكنها تشابهها في بعض الأشياء مثل طول الرقبة والجسم، وقضوا في الشاة بحمامة مع الفرق بينهما لكن لأنها تشبهها من جهة مص الماء - والله أعلم -، فالصحابة - رضي الله عنهم - هم أفقه الأمة وأعلمها، ومع هذا قضوا في مثل هذا بالمثل بما يشابهه من بعض الوجوه.

وقد صحَّ عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه استلف بَكراً فقضى رباعياً (١)، فدل على أن الإبل مثلية، وإلا لرد القيمة، ولهذا يقولون في القرض يُردُّ مثله،


(١) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب البيوع (٥/ ٥٤) وابو داود في البيوع برقم (٣٣٤٦) وكلاهما من حديث أبى رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "فذكره وزاد: فجاءته إبلٌ من الصدقة، قال أبو رافع: فأمرنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقضي الرجل بكره فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملًا رباعياً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أعطه إياه فإن خِيار الناس أحسنهم قضاء".
وقال الترمذى عقب سياقه له في سننه: "حديث حسن صحيح".

<<  <   >  >>