ثم عموم الحديث السابق دال عليه، لأنه عام في المعاوضات وغيرها فهو أصرح من غيره؛ حديث سفينة في التبرعات، لكن لو أنه باع أرضًا مساحتها عشرة آلاف متر مثلًا واستثنى ألف متر منها، ولا يقصد ألفًا معينة إنما يريد ألف متر أي عشرها أي عُشر الأرض، فهذا لا يصح، أو باع بستانًا واستثنى الثلث أي المشاركة في هذا البستان بالثلث فهذا يصح لأنه مشاع فيكون نصيبه شائعًا في الكل.
أما قوله:"وفي التبرعات يجوز استثناء المدة المعلومة والمجهولة": لأن باب التبرعات أوسع.
مثاله: إنسان وقف أرضًا واستثنى منفعتها مدة حياته فإنه يصح وإن كانت مدة حياته مجهولة مثل ما ذكرنا في الحديث السابق، حديث سفينة.
ومن المسائل التى في هذا الباب مسألة الإقرار، فإنه يصح الاستثناء ولو لم يبين مقدار المستثنى.
مثاله: إنسانٌ قال: لهذا الإنسان ألف ريال إلا شيئًا، فهذا الإقرار صحيح ويكون قد اعترف بهذا المال الذي عليه، لكن في هذه الحال كيف نعرف المستثنى، نقول إنه يجب عليه أن يبينه ويجبر على تبيين المستثنى.
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٢١) في مسند سفينة، وأبو داود في سننه في كتاب العتق (٤/ ٢٥٠ - ٢٥١) باب في العتق على الشرط، وابن ماجه في سننه في كتاب العتق (٢/ ٨٤٤) باب من أعتق عبدًا واشترط خدمته، والنسائى في السنن الكبرى كما عزاه له المزي في تحفة الأشراف (٤/ ٢٢)، والحاكم في المستدرك في كتاب العتق، باب العتق على الشرط (٢/ ٢١٣ - ٢١٤) وقال بعد سياقه له: "هذا حديث صحيح الإسناد".