وذكر ابن القيم - رحمه الله - جواباً آخر أوضحَ من هذا، وقال: إن النفوس مستوية في العصمة فلا يجوز إهدار عصمة أحد مقابل إبقاء واحد من الناس أو جماعة، لكن الأصل في هذا كما قلنا إن المفاسد الكبيرة تدفع في سبيل ارتكاب المفاسد الصغيرة، وما أورد على القاعدة لا يخرجها لوضوح الجواب عليه من كلام أهل العلم.
ومن ذلك أيضاً: لو تترس العدو بالمسلمين، وقالوا هل يجوز قتل المسلمين الذين تترس بهم الكفار أم لا يجوز؟ والأظهر - والله أعلم - كما ذكر جمع من أهل العلم أن في هذا تفصيلاً فيقال:
أولاً: إذا كان في عدم قتلهم ضررٌ على المسلمين يُخشَى أن يُغزَى المسلمون ويدخل عليهم العدو جاز قتلهم؛ لأنه دفع ضرر متحقق.
ثانياً: إذا كان قتلهم لأجل تحصيل مصلحة الجهاد، وليس فيه ضرر على المسلمين، فإنه يقدم عصمة من تترس بهم الكفار.
مسألة أخرى: التلازم بين الحسنات والسيئات:
المعنى: أنه لا يمكن أن تفعل حسنة إلا بارتكاب السيئة ولا يمكن أن تترك السيئة إلا باجتناب الحسنة، إما أن تتركهما جميعاً أو تفعلهما جميعاً، وهذا البحث من أهم مباحث التعارض بين الحسنات والسيئات، ومن أهم المباحث المتعلقة بتعارض المصالح والمفاسد والترجيح بينهما.