"اليقين لا يزول بالشك"، وقاعدة "العادة محكِّمة"، وقاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، وقاعدة "المشقة تجلب التيسر"، وقاعدة "الأمور بمقاصدها"، هذه قواعد كُليّة في أبواب الفقه كلها أو في أغلبها، هذه هي التي تسمى قواعد، أما إذا كان في باب خاص من أبواب الفقه فإنه في الغالب يسمى ضابطاً، ويسمى ضابطاً لأننا قصدنا إلى مسائل هذا الباب فضبطناها بضابط معين، ثم رتبنا لها عبارات تضبطها، فمثلاً يقولون: كل كفارة سببها المعصية فهي على الفور، ككفارة الجماع في نهار رمضان عمداً، وكفارة الظهار، فهذه خاصة في باب الكفارات، فلذلك هذا لا يسمى قاعدة بل يسمى ضابطاً، وإن سُمّيَ قاعدة فلا حرج، لا مُشاحة في الاصطلاح كما يقولون.
لكن تسميته ضابطاً أضبط عند كثير من أهل العلم في قواعد الفقه، ثم الضوابط تختلف بحسب الخلاف في المذاهب، مثلاً حينما نقول في باب سجود السهو: كل زيادة في الصلاة فمحل السجود بعد السلام، وكل نقص قبل السلام، فهذا ضابط في باب سجود السهو (١) وإن سمَّيته قاعدة فلا بأس، مثلاً في أبواب المياه: الماء طهور ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، فهذا ضابط في أبواب المياه، لكن التغير يختلف، بعضهم يجعله إذا تغيّر بشيء من الطهور يسلبه وصف الطهورية.
إذن الضابط يختلف بحسب اختلاف المذاهب، وكذلك القاعدة كما سيأتي - إن شاء الله -، مثلاً فيما ذكرنا قَبْلُ في باب سجود السهو حينما قلنا كل زيادة في
(١) عند بعض المذاهب، وبعضهم يقول كل سجود قبل السلام إلا في موضعين.