فإذا تعارف الناس أمرًا من الأمور بينهم من جهة الأفعال يعمل بها، مثل أن الأصل أن الإنسان لا يدخل مكان غيره أو مسكن غيره إلا بإذن، لكن اعتاد الناس أن يدخلوا محلات البيع والشراء بدون إذن والمحلات العامة كمحلات القضاء والمكاتب وما أشبه ذلك، فهذه أمور لا يحتاجون فيها للإذن؛ لأنه معروف أنه ليس هناك موضع للإذن فيها فتعارفها الناس فيما بينهم.
أوضح من هذا: إنسان يذهب للغسال يعطيه الثياب ويناوله إياها ويعرف أنه يريد غسلها، فبدون أن يكون بينهما عقد بصريح القول بل يكفي أن يعطيه إياها، وهكذا كل ما جرى معرفته من جهة الفعل يكفى فيه الفعل، وليس هنالك حاجة للتصريح بالقول؛ لأن العرف في هذه الحال يكفى.
العرف - أيضًا - على نوعين من جهة عمومه وخصوصه، عام وخاص.
عالم: يعمل به أهل البلاد كلهم.
خاص: يعمل به مجموعة من الناس.
العرف العام: أن يتوارثه الناس في البلاد كلها.
والعرف الخاص: في بلد معين، والعرف العام بلا شك موضع اتفاق من الفقهاء أنه يعمل به، وأنه يحكم به بين الناس في سائر معاملاتهم، وأنه لو ادعى أحد من الناس أنه لا يريد العرف بعد عقد العقد فإنه لا يقبل قوله؛ لأن الأصل أن تحمل