للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعرف أهل البلاد هل يعمل به لأنه عرف خاص أم لا يعمل به؟ الصحيح أنه يعمل به ولو خالف العرف العام, لأنهم محمولون على الأعراف التي تجري بينهم.

ننتقل إلى مسألة أخرى في العرف: العرف له شروط، فليس كل عرف مقبولًا، وقد أشرنا إليه في بداية البحث؛ بل إن منها ما هو مردود لفقد شرط من الشروط أو غير ملزم مثلًا.

الشرط الأول: أن يكون العرف مُطَّرِدًا:

أي معروفًا ومتكررًا وظاهرًا بين الناس، فليس أيُّ عادة تجري بين الناس تكون عرفًا، قد يكون هذا عادة ليس عرفًا، وقد يكون أمرًا خاصًا لأناس معينين، فلابد أن يكون أمرًا مطردًا متكررًا بين الناس معروفًا بينهم.

الشرط الثاني: أن يكون عامًا:

وهذا موضع خلاف كما أشرنا، لكن إذا فسر العموم بأنه لكل أهل بلد فلا بأس، أما إذا كان عرفًا بين بعض الناس في أهل هذا البلد دون غيرهم، أو معروفًا في حارة من الحارات دون غيرها من حارات هذا البلد، فهو لا يصح؛ لأنه لابد أن يكون عامًا وهو شرط من شروط العرف إلا إذا كان بين هؤلاء القوم جاريًا مجرى الشرط فيعمل به، وإدن لم يكن عامًا في البلد.

والعرف دلت عليه أدلة في أنه يُحكَّم كما قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (١) وقال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢)،


(١) سورة الطلاق، الآية: ٧.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣.

<<  <   >  >>