للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منتصباً، ثم يأتي بتكبيرة أخرى للركوع، والمنصوص عن أحمد أنها تسقط هنا.

و"يجزئه تكبيرة واحدة، لأنه نقل عن زيد بن ثابت وابن عمر"، ولا يعرف لهما مخالف. قال أحمد في رواية صالح فيمن جاء والإمام راكع: كبر تكبيرة واحدة، قيل: إن نوى بها الافتتاح؟ قال: نوى أو لم ينو، أليس قد جاء وهو يريد الصلاة؟ وقال أحمد: إن كبر تكبيرتين ليس فيه اختلاف.

ويستحب لمن أدرك الإمام في حال، متابعته فيه، وإن لم يعتدَّ له به، لحديث أبي هريرة، مرفوعاً: "إذا جئتم [إلى الصلاة] ١ ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعتدّوها شيئاً". رواه أبو داود؛ والعمل على هذا عند أهل العلم. وقال بعضهم: لعله لا يرفع رأسه من السجود حتى يغفر له.

ثم يقول: "سمع الله لمن حمده" ويرفع يديه كرفعه الأول. وفي موضع الرفع روايتان: إحداهما: بعد اعتداله، لأن في حديث ابن عمر: "إذا افتتح رفع يديه، وإذا ركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع". ٢ والثانية: يبتدئه حين يبتدئ رفع رأسه، لظاهر حديث أبي حميد. ولا تختلف الرواية أن المأموم يبتدئه عند رفع رأسه، لأنه ليس في حقه ذكر بعد الاعتدال والرفع، إنما جعل هيئة للذكر. وهذا الرفع والاعتدال واجب، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة وبعض أصحاب مالك: لا يجب، لأن الله لم يأمر به. ولنا: أنه أمر به المسيء، وداوم على فعله، وقد أمر الله بالقيام، وهذا قيام.

وشرع قول: "ربنا ولك الحمد" في حق كل مصلّ، وهو قول أكثر أهل العلم. وعنه: لا يقوله المنفرد، لأن الخبر لم يرد به في حقه. وقال مالك: لا يشرع للإمام ولا للمنفرد، لقوله: "إذا قال الإمام: "سمع الله لمن حمده فقولوا: "اللهم ربنا ولك الحمد"". ٣ ولنا: أن أبا هريرة صرَّح بذكره في الرواية الأخرى، وحديثهم لو انفرد لم يكن فيه حجة، فكيف تترك الأحاديث الصحيحة؟


١ زيادة من المخطوطة السابقة.
٢ البخاري: الأذان (٧٣٩) , ومسلم: الصلاة (٣٩٠) , والترمذي: الصلاة (٢٥٥) , والنسائي: الافتتاح (٨٧٧) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٥٨) , وأحمد (٢/٦٢) , ومالك: النداء للصلاة (١٦٥) .
٣ البخاري: الأذان (٧٩٦) , ومسلم: الصلاة (٤٠٩) , والترمذي: الصلاة (٢٦٧) , والنسائي: التطبيق (١٠٦٣) , وأبو داود: الصلاة (٨٤٨) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٧٥) , وأحمد (٢/٢٣٠, ٢/٣١٤, ٢/٣٤١, ٢/٣٧٦, ٢/٣٨٦, ٢/٤١١, ٢/٤١٦) .

<<  <   >  >>