للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطوعاً، لقوله في حديث أبي سعيد: "فإن كان صلاته تامة، كانت الركعة نافلة والسجدتين"، ١ وفي رواية: "فإن كان صلى خمساً، شفعن له صلاته ". ٢ ولنا: حديث ابن مسعود حين صلى خمساً، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم لم يجلس عقيب الرابعة، فلم تبطل صلاته، ولم يضف إلى الخامسة أخرى.

وقال أبو حنيفة: إن لم يكن جلس في الرابعة بطل فرضه، وحديث أبي سعيد حجة عليهم، فإنه جعل الزائدة نافلة من غير أن يفصل بينها وبين التي قبلها بجلوس، وجعل السجدتين يشفعها بها، ولم يضف إليها ركعة أخرى؛ وهذا كله خلاف ما قالوه، فخالفوا الخبرين، وقولنا يوافقهما جميعاً.

وإذا نسي السجود ثم ذكر بعد طول الفصل في المسجد، سجد سواء تكلم أو لا، وبه قال مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: إن تكلم بعد الصلاة سقط عنه سجود السهو. وكان الحسن وابن سيرين يقولان: "إذا صرف وجهه عن القبلة، لم يبين ولم يسجد". ولنا: حديث ابن مسعود: "أنه صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام"، ٣ وحديثه الآخر، وفيه: "فلما انفتل توشوش القوم بينهم ... إلخ".

فإن خرج من المسجد لم يسجد، نص عليه. وقال الشافعي: يُرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة، "لأنه صلى الله عليه وسلم رجع إلى المسجد بعد خروجه منه" في حديث عمران بن حصين، وعنه رواية أخرى: يسجد وإن خرج وتباعد، وهو قول ثان للشافعي.

ويكبر للسجود والرفع منه، وإن كان بعد السلام، تشهد وسلّم وبه، قال الشافعي في التشهد والتسليم. وقال أنس والحسن: "ليس فيهما تشهد ولا تسليم". وقال ابن سيرين وابن المنذر: فيهما تسليم بغير تشهد. قال ابن المنذر: التسليم فيهما ثابت من غير وجه، وأما التشهد ففي ثبوته نظر. ولنا: على التكبير حديث ابن بحينة، وقول أبي هريرة: "ثم كبر وسجد"، والتسليم ذكره عمران بن حصين


١ أبو داود: الصلاة (١٠٢٤) .
٢ مسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٧١) , والنسائي: السهو (١٢٣٨, ١٢٣٩) , وأبو داود: الصلاة (١٠٢٤, ١٠٢٦) , وأحمد (٣/٧٢, ٣/٨٣, ٣/٨٤, ٣/٨٧) , ومالك: النداء للصلاة (٢١٤) , والدارمي: الصلاة (١٤٩٥) .
٣ مسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٧٢) , والترمذي: الصلاة (٣٩٣) , وأحمد (١/٤٥٦) .

<<  <   >  >>