للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يقول في قنوت الوتر ما روى الحسن بن علي. وعن عمر: "أنه قنت بسورتي أبي"، قال ابن قتيبة: نحفد: نبادر، والجد، أي: الحق لا اللعب، وملحِق، بكسر الحاء: لاحق؛ هكذا يروى. يقال: لحقت القوم وألحقتهم بمعنى واحد. ومن فتح الحاء، أراد: أن الله ملحقهم إياه، وهو معنى صحيح، غير أن الرواية هي الأولى. ويؤمّن من خلف الإمام، لا نعلم فيه خلافاً، قاله إسحاق. وقال الأثرم: كان أحمد يرفع يديه في القنوت إلى صدره، واحتج بأن "ابن مسعود رفع يديه إلى صدره في القنوت"، أنكره مالك.

وهل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ؟ فيه روايتان: إحداهما: لا، قال أحمد: ما سمعت فيه بشيء. ولا يسن القنوت قي الصبح ولا غيرها، سوى الوتر. وعن مالك والشافعي: يقنت في الصبح، ولنا: حديث أنس وأبي هريرة، قال إبراهيم: "أول من قنت: عليّ في صلاة الغداة"، وذلك أنه كان محارباً يدعو على أعدائه، وقنوت عمر يحتمل أنه في النوازل، فإن أكثر الروايات عنه: أنه لم يكن يقنت.

قال أحمد: إذا نزل بالمسلمين أمر، قنت الإمام في الفجر، وأمّن من خلفه، ثم قال: مثل ما نزل بالمسلمين من هذا الكافر، يعني: بابك. قال عبد الله عن أبيه: "كل شيء ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت، فإنما هو في الفجر، ولا يقنت إلا في الفجر إذا كان مستنصراً يدعو للمسلمين". وقال أبو الخطاب: يقنت في الفجر والمغرب.

والذي اختار أحمد: أن تفصل ركعة الوتر مما قبلها، وقال: إن أوتر بثلاث لم يسلّم فيهن، لم يضيق عليه. وحجة من لم يفصل: قول عائشة: "أنه كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث"، ١ وقولها: "كان يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن. ثم يصلي أربعاً كذلك، ثم يصلي ثلاثاً". ٢ وقالت: "كان يوتر بخمس، لا يجلس إلا في آخرهن". ٣ رواه مسلم. ولنا: قولها: "كان يسلّم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة"، ٤ وقوله: "صلاة الليل


١ أبو داود: الصلاة (١٣٦٢) .
٢ البخاري: الجمعة (١١٤٧) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٣٨) , والترمذي: الصلاة (٤٣٩) , والنسائي: قيام الليل وتطوع النهار (١٦٩٧) , وأبو داود: الصلاة (١٣٤١) , وأحمد (٦/٣٦, ٦/٣٩, ٦/٧٣, ٦/١٠٤) , ومالك: النداء للصلاة (٢٦٥) .
٣ النسائي: قيام الليل وتطوع النهار (١٧١٧) .
٤ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٣٦) , والنسائي: الأذان (٦٨٥) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٥٨) , وأحمد (٦/١٤٣, ٦/٢١٥) , والدارمي: الصلاة (١٤٤٧, ١٤٧٣, ١٥٨٥) .

<<  <   >  >>