للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل، استحب له أن يوتر أوله، لأنه صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وغيره بالوتر قبل النوم وقال: "من خاف أن لا يقوم آخر الليل، فليوتر من أوله". ١ وكلها صحاح. وأي وقت أوتر من الليل بعد العشاء أجزأ، لا نعلم فيه خلافاً.

[فأما] ٢ من أوتر ثم قام للتهجد، فالأفضل أن يصلي مثنى مثنى، ولا ينقض وتره؛ وبه قال مالك. قيل لأحمد: لا ترى نقض الوتر؟ قال: لا، ثم قال: وإن ذهب إليه رجل فأرجو، لأنه قد فعله جماعة، وهو قول إسحاق؛ ولعلهم ذهبوا إلى قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً". ٣ ولنا: حديث طلق بن علي، رفعه: "لا وتران في ليلة". ٤ حسنه الترمذي.

فإن صلى مع الإمام وأحب متابعته، لم يسلم وقام فصلى ركعة شفع بها صلاته، نص عليه، وقال: إن شاء قام على وتره وشفع إذا قام، وإن شاء صلى مثنى. قال: ويشفع مع الإمام بركعة أحب إلي.

ويستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث: في الأولى بـ"سبح"، وفي الثانية {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، ٥ وفي الثالثة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . ٦ وقال الشافعي: "يقرأ في الثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ٧ والمعوذتين"، لحديث عائشة، رواه ابن ماجة. ولنا: حديث أبيّ بن كعب، وحديث عائشة لا يثبت. وقد أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين. قال أحمد: الأحاديث التي جاءت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بركعة كان قبلها صلاة متقدمة، قيل له: أيوتر في السفر بواحدة؟ قال: يصلي قبلها ركعتين".

قيل لأحمد: رجل قام يتطوع، ثم بدا له فجعل تلك الركعة وتراً، قال: لا. وكيف يكون؟ هذا قد قلب نيته. قيل له: أيبتدئ الوتر؟ قال: نعم. انتهى من الشرح.

وقال: إذا قنت قبل الركوع، كبر ثم أخذ في القنوت. وقد روي عن عمر: "أنه إذا فرغ من القراءة كبر، ثم قنت، ثم كبر حين يركع"، روي ذلك


١ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٥٥) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١١٨٧) , وأحمد (٣/٣٣٧, ٣/٣٤٨, ٣/٣٨٩) .
٢ كذا في المخطوطة، وفي نسخة: (و) .
٣ البخاري: الجمعة (٩٩٨) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٥١) , وأبو داود: الصلاة (١٤٣٨) .
٤ الترمذي: الصلاة (٤٧٠) , والنسائي: قيام الليل وتطوع النهار (١٦٧٩) , وأبو داود: الصلاة (١٤٣٩) .
٥ سورة الكافرون آية: ١.
٦ سورة الإخلاص آية: ١.
٧ سورة الإخلاص آية: ١.

<<  <   >  >>