للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمراً ما كنت أظن أني أراه: إن قوماً رغبوا عن هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يقول ذلك للذين صاموا". رواه أبو داود. قال الموفق: ولا أرى لما صار إليه الأئمة حجة، لأن أقوال الصحابة مختلفة متعارضة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، لأنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن ظاهر القرآن إباحة القصر لمن ضرب في أرض، لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} الآية، وليس له أصل يُرد إليه؛ والحجة مع من أباح القصْر لكل مسافر، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه.

وليس لمن نوى السفر القصرُ حتى يخرج من بيوت قريته، وبهذا قال مالك والشافعي. وحكي عن عطاء أنه أباح القصر في البلد لمن نوى السفر. وعن الحارث بن ربيعة: "أنه أراد سفراً، فصلى بهم في منزله ركعتين، وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب عبد الله". ولنا: قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض} الآية، ١ ولا يكون ضارباً حتى يخرج، ولحديث أنس: "صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً وبذي الحليفة ركعتين". ٢ متفق عليه. إذا ثبت هذا، فإنه يجوز وإن كان قريباً من البيوت. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه: أن الذي يريد السفر له أن يقصر إذا خرج من بيوت القرية التي يخرج منها. ولا تباح هذه الرخص في سفر المعصية، نص عليه, وقال الأوزاعي وأبو حنيفة: له ذلك. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن لا يقصر في صلاة المغرب والصبح.

والجمع بين الصلاتين جائز في قول الأكثر. وقال الحسن وابن سيرين وأصحاب الرأي: لا يجوز إلا في يوم عرفة بعرفة، وليلة المزدلفة بها؛ وهو رواية


١ سورة النساء آية: ١٠١.
٢ البخاري: الجمعة (١٠٨٩) , والدارمي: الصلاة (١٥٠٧) .

<<  <   >  >>