للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعِشاءين. فأما الجمع لأجل المطر بين الظهر والعصر، فالصحيح أنه لا يجوز؛ قيل لأحمد: الجمع بين الظهر والعصر في المطر؟ قال: لا. ما سمعته. والمطر المبيح للجمع هو: ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه. والثلج والبرد في ذلك كالمطر. فأما الوحل، فقال القاضي: هو عذر، لأن المشقة تلحق به في النعال والثياب كالمطر، وهو قول مال؛. وقيل: لا يبيح، وهو مذهب الشافعي، والأول أصح لأنه يساوي المطر في ترك الجمعة والجماعة.

فأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة، فقيل: تبيح الجمع، وهو قول عمر بن عبد العزيز. وقيل: لا، لأن المشقة فيه دون المشقة في المطر.

وهل يجوز الجمع للمنفرد، أو من كان طريقه إلى المسجد في ظلال يمنع المطر، أو من كان مقامه في المسجد؟ على وجهين: أحدهما: الجواز، لأن العذر إذا وجد استوى فيه حال المشقة وعدمها، كالسفر، ولأن الحاجة العامة إذا وجدت ثبت الحكم فيمن ليس له حاجة، كالسلم وإباحة اقتناء الكلب للصيد والماشية لمن لا يحتاج إليهما، ولأنه روي: "أنه صلى الله عليه وسلم جمع في مطر"، وليس بين حجرته والمسجد شيء. والثاني: المنع، لأن الجمع لأجل المشقة.

ويجوز الجمع لمرض، وهو قول عطاء ومالك. وقال الشافعي: لا يجوز، لأن أخبار التوقيت لا تترك بأمر محتمل. ولنا: قوله: "جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر"، ١ وفي رواية: "مِن غير خوف ولا سفر". ٢ رواه مسلم. وقد أجمعنا على أن الجمع لا يجوز لغير عذر، فثبت أنه كان لمرض. وروي عن أحمد في حديث ابن عباس هذا، قال: فيه رخصة عندي للمريض والمرضع، وقد "أمر سهلة وحمنة بالجمع لأجل الاستحاضة"، وأخبار المواقيت مخصوصة بالصور التي أجمعنا عليها.

وسئل أحمد عن الجمع بين الصلاتين في المطر،


١ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٠٥) , والترمذي: الصلاة (١٨٧) , والنسائي: المواقيت (٦٠٢) , وأبو داود: الصلاة (١٢١٠, ١٢١١) , وأحمد (١/٢٨٣) , ومالك: النداء للصلاة (٣٣٢) .
٢ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٠٥) , والترمذي: الصلاة (١٨٧) , والنسائي: المواقيت (٦٠١, ٦٠٢) , وأبو داود: الصلاة (١٢١٠, ١٢١١) , وأحمد (١/٢٢٣, ١/٢٨٣, ١/٣٥٤) , ومالك: النداء للصلاة (٣٣٢) .

<<  <   >  >>