للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إهداء البدنة لا يمنع إجزاء ما دونها، فـ"إنه صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة"، ولا خلاف أنه ليس بواجب. وهم يقولون إنه كان مفرداً، فكيف يكون سوق البدنة دليلاً لهم في التمتع.

ولا نعلم خلافاً أن من اعتمر في غير أشهر الحج وفرغ منها قبل أشهره، أنه لا يكون متمتعاً، إلا قولين شاذّين: أحدهما عن طاووس: إذا اعتمرت في غير أشهر الحج ثم أقمت حتى تحج، فأنت متمتع. والآخر عن الحسن أنه قال: "من اعتمر بعد النحر فهي متعة". قال ابن المنذر: لا نعلم أحداً قال بواحد من هذين. فـ"أما إن أحرم بها في غير أشهره ثم حل منها في أشهره، فإنه لا يكون متمتعاً"؛ نقل ذلك عن جابر، وبه قال إسحاق. وقال طاووس: عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم. وقال الثوري: عمرته في الشهر الذي يطوف فيه. وقال مالك: عمرته في الشهر الذي يحل فيه.

وإن اعتمر في أشهره ثم لم يحج ذلك العام، فليس بمتمتع، لا نعلم فيه خلافاً، إلا قولاً شاذاً عن الحسن: من اعتمر في أشهر الحج فهو متمتع، حج أو لم يحج. والجمهور على خلاف هذا، لقوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ، ١ وهذا يقتضي الموالاة بينهما.

وإن سافر بين الحج والعمرة سفراً يقصر فيه الصلاة، فليس بمتمتع، وقال الشافعي: إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه. وقال مالك: إن رجع إلى مصره أو أبعد منه، بطلت متعته، وإلا فلا. وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده، واختاره ابن المنذر، لعموم قوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ٢. ولنا: ما روي عن عمر أنه قال: "إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام، فهو متمتع. فإن خرج ورجع، فليس بمتمتع"، ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه لزم الإحرام منه،


١ سورة البقرة آية: ١٩٦.
٢ سورة البقرة آية: ١٩٦.

<<  <   >  >>