للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا كان بعيدا فقد أنشأ سفراً بعيداً لحجه فلم يترفه بترك أحد السفرين، فلم يلزمه دم. والآية تناولت المتمتع، وهذا ليس بمتمتع بدليل قول عمر.

فإن لم يحل من إحرام العمرة حتى أدخل عليها الحج، فإنه يصير قارناً ولا يلزمه دم المتعة، لكن عليه دم القِران. فأما قول عروة: "لم يكن في ذلك هدي"، فإنه يحتمل أنه أراد هدي المتعة، "لأنه صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه بقرة"؛ ولا خلاف أن دم المتعة لا يجب على حاضري الحرم، لقوله تعالى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، ١ والمعنى أن ميقاتهم مكة، فلا يحصل لهم الترفه بترك أحد السفرين، ولأنه أحرم من ميقات أشبه المفرد، وهم أهل الحرم ومن بينه وبينه مسافة القصر، وبه قال الشافعي. وقال مالك: هم أهل مكة. وقال مجاهد: هم أهل الحرم.

فإن دخل الآفاقي مكة متمتعاً ناوياً الإقامة بها بعد تمتعه، فعليه دم المتعة. قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم. ومتعة المكي صحيحة، إلا أنه لا دم عليه، وعنه: ليس على أهل مكة، متعة ومعناه: ليس عليهم دم المتعة.

وإن أحرم الآفاقي بعمرة في غير أشهر الحج، ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج، وحج من عامه، فهو متمتع، نص عليه. وذكره القاضي شرطاً سادساً لوجوب الدم، وهو: أن ينوي في ابتداء العمرة أو أثناءها المتعة؛ والإجماع الذي سبق عن ابن المنذر مخالف لهذا، لأنه قد حصل له الترفه بأحد السفرين.

ويجب الهدي إذا أحرم بالحج، وهو قول الشافعي لقوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} ، ٢ ولأنه جعل غاية فوجد أوله لقوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} . ٣ وعنه: إذا وقف بعرفة، وهو قول


١ سورة البقرة آية: ١٩٦.
٢ سورة البقرة آية: ١٩٦.
٣ سورة البقرة آية: ١٨٧.

<<  <   >  >>