للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مالك، لأن التمتع لا يحصل إلا به، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة". ١ وأما وقت ذبحه: فيوم النحر، وبه قال مالك، وعنه: إن دخل مكة قبل العشر نحره، لا يضيع أو يموت أو يرق، كذا قال عطاء. ومن قدم في العشر لا ينحر إلا بمنى، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كذا فعلوا.

ويجب الدم على القارن، لا نعلم فيه خلافاً، إلا عن داود. ولنا: "أن علياً لما سمع عثمان ينهى عن المتعة، أهل بهما ليعلم الناس أنه ليس بمنهي عنه". وقال ابن عمر: "إنما القِران لأهل الآفاق" وتلا الآية، ولأنه ترفه بسقوط أحد السفرين، إلا أن يكون من حاضري المسجد الحرام في قول الجمهور. وقال ابن الماجشون: عليه دم لأنه ليس بمتمتع.

ومن كان مفرداً أو قارناً أحببنا له الفسخ إلى العمرة، إلا أن يكون معه هدي، فليس له أن يحل بغير خلاف. و"كان ابن عباس يرى أن من طاف وسعى فقد حل، وإن لم ينو ذلك". وبهذا الذي ذكرناه قال الحسن ومجاهد وداود، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز. ولو ساق المتمتع الهدي لم يكن له أن يحل، للآية، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي فلا يحل ... إلخ" ٢. وقال مالك: له التحلل.

وينحر هديه عند المروة. وعنه: إن قدم قبل العشر نحر، وهو يدل على أنه إذا قدم قبل العشر حلَّ وإن كان معه هدي. وقال: "من لبد أو ضفر فهو بمنزلة من ساق الهدي"، لحديث حفصة؛ والرواية الأولى أولى، لما ذكرنا من الحديث الصحيح، وهو أولى بالاتباع.

فأما المعتمر غير المتمتع، فإنه يحل في أشهر الحج وغيرها، معه هدي أو لا، "لأنه صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثاً فكان يحل". فإن كان معه هدي نحره عند المروة، وحيث نحره من الحرم جاز، لقوله: "كل فجاج مكة طريق ومنحر". ٣ رواه أبو داود وابن ماجة.


١ الترمذي: الحج (٨٨٩) , والنسائي: مناسك الحج (٣٠٤٤) , وأبو داود: المناسك (١٩٤٩) , وابن ماجة: المناسك (٣٠١٥) , وأحمد (٤/٣٠٩, ٤/٣٣٥) , والدارمي: المناسك (١٨٨٧) .
٢ مسلم: الحج (١٢٣٦) , والنسائي: مناسك الحج (٢٩٩٢) , وابن ماجة: المناسك (٢٩٨٣) , وأحمد (٦/٣٥٠, ٦/٣٥١) .
٣ أبو داود: المناسك (١٩٣٧) , وابن ماجة: المناسك (٣٠٤٨) , والدارمي: المناسك (١٨٧٩) .

<<  <   >  >>