للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت وخشيت فوات الحج، أحرمت به وصارت قارنة. وقال أبو حنيفة: قد رفضت العمرة وصار حجاً، وما قال هذا أحدٌ غيره؛ وحجته قول عروة في حديث عائشة: "أهلّي بالحج ودَعي العمرة "، ١ وهذا اللفظ انفرد به عروة، وخالف فيه كل من روى عن عائشة. وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: "قد حللت من حجك وعمرتك". ٢

ومن أحرم مطلقاً يصرفه إلى ما شاء، والأولى صرفه إلى العمرة، "لأنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا موسى حين أحرم بما أهلَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم". وإن أحرم بمثل ما أحرم به فلان، انعقد إحرامه بمثله.

وإذا استوى على راحلته لبى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك ". ٣ ولا يستحب الزيادة عليها ولا يكره، "لأنه صلى الله عليه وسلم لزم تلبيته ولم ينكر الزيادة عليها".

ويستحب رفع الصوت بها، والإكثار منها. وعن الثوري: أن التلبية من شرط الإحرام، ولا يصح إلا بها كالتكبير للصلاة، لأن ابن عباس قال في قوله: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} : ٤ "الإهلال". وعن عطاء وطاووس: هو التلبية.

ويستحب ذكر ما أحرم به في تلبيته، وقيل: "لا يستحب"، وبه قال الشافعي، ويروى عن ابن عمر، "لأن في حديث جابر ما سمّى في تلبيته حجة ولا عمرة". ولنا: حديث أنس، وحديث ابن عباس: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يلبّون بالحج". ٥ متفق عليه.

و"متى لبّى بهما بدأ بذكر العمرة"، لحديث أنس، قال أحمد: إذا حج عن رجل يقول أول ما يلبي: عن فلان، ثم لا يبالي أن لا يقول بعد ذلك، لقوله صلى الله


١ البخاري: الحيض (٣١٧, ٣١٩) والحج (١٥٥٦, ١٧٨٦) والمغازي (٤٣٩٥) , ومسلم: الحج (١٢١١) , والنسائي: الطهارة (٢٤٢) , وأبو داود: المناسك (١٧٨١) , ومالك: الحج (٩٤٠) .
٢ مسلم: الحج (١٢١٣) , والنسائي: مناسك الحج (٢٧٦٣) , وأبو داود: المناسك (١٧٨٥) .
٣ البخاري: الحج (١٥٤٩) , ومسلم: الحج (١١٨٤) .
٤ سورة البقرة آية: ١٩٧.
٥ البخاري: الجمعة (١٠٨٥) , ومسلم: الحج (١٢٤٠) , والنسائي: مناسك الحج (٢٨٧٠, ٢٨٧١) .

<<  <   >  >>