للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس له أن يعقد عليه الرداء ولا غيره، إلا الإزار والهميان. وليس له أن يجعل لذلك زراراً ولا يخله بشوكة ولا إبرة ولا خيطة، ولا يغرزه في إزاره. فأما الإزار فيجوز عقده، لأنه يحتاج لستر العورة. وإن شد وسطه بالمنديل ونحوه، جاز إذا لم يعقده. والهميان مباح له، قال ابن عبد البر: أجازه جماعة فقهاء الأمصار. قال إبراهيم: كانوا يرخصون في عقد الهميان للمحرم، ولا يرخصون في عقد غيره. وسئل أحمد: عن المحرم يلبس المنطقة لوجع الظهر أو لحاجة إليها؟ قال: يفتدي. قيل: أفلا تكون مثل الهميان؟ قال: لا. وإن طرح على كتفيه قباء أو نحوه فدى، وإن لم يدخل يديه في كميه، هذا مذهب مالك والشافعي. وقال الخرقي: لا فدية عليه إن لم يدخلهما، وبه قال عطاء وإبراهيم وأبو حنيفة. وإذا احتاج إلى تقلد السيف فله ذلك، وبه قال مالك والشافعي، وكرهه الحسن. ولنا: "أنه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية اشترط حمل السلاح في قرابه".

وأجمعوا على أنه ممنوع من الطيب، ودل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الميت: "لا تمسّوه بطيب"، ١ فالحي أولى. ولا يجوز له لبس ثوب مطيب، لا نعلم فيه خلافاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يلبس من الثياب شيئاً مسّه الورس، ولا الزعفران". ٢ ولا يجوز له الجلوس عليه ولا النوم عليه، فإن فعل افتدى. وقال أبو حنيفة: إن كان رطباً يلي بدنه أو يابساً ينفض افتدى، وإلا فلا. فإن غسله حتى ذهب جميع ما فيه، فلا بأس به عند جميع العلماء.

وليس له شم الأدهان المطيبة، كدهن الورد والبنفسج والزنبق ونحوها، وليس في تحريم ذلك خلاف في المذهب. ومتى جعل شيئاً من الطيب في مأكول أو


١ البخاري: الحج (١٨٥١) , ومسلم: الحج (١٢٠٦) , والنسائي: الجنائز (١٩٠٤) ومناسك الحج (٢٨٥٤, ٢٨٥٦) , وأبو داود: الجنائز (٣٢٤١) , وأحمد (١/٢١٥, ١/٢٦٦, ١/٣٢٨, ١/٣٣٣) .
٢ البخاري: اللباس (٥٨٤٧, ٥٨٥٢) , ومسلم: الحج (١١٧٧) , والترمذي: الحج (٨٣٣) , والنسائي: مناسك الحج (٢٦٦٩, ٢٦٧٣, ٢٦٧٥) , وابن ماجة: المناسك (٢٩٢٩) , وأحمد (٢/١١٩) , ومالك: الحج (٧١٦) , والدارمي: المناسك (١٧٩٨) .

<<  <   >  >>