للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبق والبعوض والبراغيث والذباب، وبه قال الشافعي. وقال أصحاب الرأي: يقتل ما في الحديث، والذئب قياساً. ولنا: أن الخبر نص من كل جنس على صورة من أدناه، تنبيهاً على ما هو أعلى منها: فنصه على الغراب والحدأة تنبيه على الصقر والباز ونحوه، وعلى الفأرة تنبيه على الحشرات، وعلى العقرب تنبيه على الحية، وعلى الكلب العقور تنبيه على السباع التي أعلى منه.

وأما ما لا يؤذي بطبعه كالرخم والديدان، فلا أثر للحرم ولا الإحرام فيه، ولا جزاء فيه؛ وبه قال الشافعي. وقال مالك: يحرم قتلها، فإن قتلها فداها، وكذلك كل سبع لا يعدو على الناس. فإذا وطئ الذباب أو النمل أو الذر وقتل الزنبور، تصدق بشيء من الطعام. ولنا: أن الله سبحانه وتعالى إنما أوجب الجزاء في الصيد. ولا بأس أن يقرد بعيره، وقال مالك: لا يجوز. ولنا: أنه قول عمر وابن عباس. وأما القمل، فعنه: إباحة قتله، لأنه من أكثر الهوام أذى. وعنه: لا. لأنه يترفه بإزالته، ولأنه لو أبيح لم يتركه كعب بن عجرة، ولا أمره صلى الله عليه وسلم بإزالته خاصة.

ويجوز له حك رأسه برفق لئلا يقطع شعراً أو يقتل قملاً، فإن تفلى المحرم فلا فدية، لأن كعباً أذهب قملاً كثيراً. وحكي عن ابن عمر أنه قال: "هي أهون مقتول". وعن ابن عباس فيمن ألقاها ثم طلبها فلم يجدها قال: "تلك ضالة لا تبتغى". وعن أحمد فيمن قتل قملة: يطعم شيئاً، وهو قول مالك. وقال إسحاق: تمرة فما فوقها. والخلاف في المحرم، أما في الحرم فيباح قتله بغير خلاف.

ولا بأس بغسل رأسه وبدنه برفق، وكره مالك أن يغطس في الماء ويغيب فيه رأسه. ويكره له غسل رأسه بالسدر ونحوه، لما فيه من إزالة الشعث، وكرهه مالك والشافعي وأهل الرأي؛ فإن فعل فلا فدية عليه. وقال مالك: عليه فدية، ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم في المحرم: "اغسلوه بماء وسدر، ولا تخمروا رأسه" ١ الحديث.


١ البخاري: الجنائز (١٢٦٧) , ومسلم: الحج (١٢٠٦) , والترمذي: الحج (٩٥١) , والنسائي: الجنائز (١٩٠٤) ومناسك الحج (٢٨٥٤, ٢٨٥٥, ٢٨٥٦, ٢٨٥٧) , وأبو داود: الجنائز (٣٢٣٨, ٣٢٤١) , وابن ماجة: المناسك (٣٠٨٤) , وأحمد (١/٢١٥, ١/٢٢٠, ١/٢٦٦, ١/٢٨٦, ١/٣٢٨, ١/٣٣٣, ١/٣٤٦) ، والدارمي: المناسك (١٨٥٢) .

<<  <   >  >>