للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فصل) : ثم يغسل يديه إلى المرفقين، ويدخلهما في الغسل، في قول الأكثر، وحكي عن بعض المالكية: لا يجب لقوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، ١ و "إلى" لانتهاء الغاية. ولنا: أنها تستعمل بمعنى "مع" كقوله: {قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} ، ٢ {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} . ٣ وقال المبرد: إذا كان الحدّ من جنس المحدود دخل فيه، كقولهم بعت الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف.

وإذا كان تحت أظفاره وسخ يمنع وصول الماء، فقيل: لا تصح الطهارة حتى يزيله، قال شيخنا: ويحتمل أن لا يجب، لأن هذا يستتر عادة؛ فلو كان واجباً لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلم. و"قد عاب عليهم كونهم يدخلون عليه قلحاً، ورفغ أحدهم بين أنملته وظفره"، يعني: أن وسخ أرفاغهم تحت أظفارهم يصل إليه رائحة نتنها، ولو كان مبطلاً للطهارة لكان أهم من نتن الريح. ومن كان يتوضأ من ماء يسير يغترف منه، فغرف منه بيديه عند غسلهما لم يؤثر في الماء، وقال أصحاب الشافعي: يصير مستعملاً، لأنه موضع غسل اليد. ولنا: حديث عثمان، ولو كان هذا يفسد لكان النبي صلى الله عليه وسلم أحق بمعرفته ولبيّنه.

ثم يمسح رأسه، وهو فرض بالإجماع، للآية: "يبدأ بيديه من مقدمه، ثم يمرهما إلى قفاه، ثم يردّهما إلى مقدمه"، كما روى عبد الله بن زيد في صفة مسحه صلى الله عليه وسلم. فإن كان ذا شعر يخاف أن ينتفش بردّ يديه لم يردّهما، نص عليه أحمد، لأنه قد روي عن الرُّبَيِّع: "أن رسول الله صلى الله


١ سورة البقرة آية: ١٨٧.
٢ سورة هود آية: ٥٢.
٣ سورة النساء آية: ٢.

<<  <   >  >>