الحج. ومن أحرم فحصره عدوٌّ ولم يكن له طريق إلى الحج، نحر هديه في موضعه وحل، لا خلاف، إلا أنه حكي عن مالك: أن المعتمر لا يتحلل، لأنه لا يخاف الفوات، ولا يصح ذلك، لأن الآية نزلت في عمرة الحديبية، وعلى من تحلل بالإحصار الهدي في قول الأكثر. وعن مالك: لا هدي عليه، لأنه لم يفرط. ولنا: قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} . ١ وقال الشافعي: لا خلاف أنها نزلت في حصر الحديبية.
فإن أمكنه الوصول من طريق أخرى، لم يتحلل ولو خشي الفوات، لأنه إن فاته تحلل بعمرة. وليس له التحلل قبل ذبح الهدي؛ فإن كان معه ذبحه، وإلا لزمه شراؤه إن أمكنه. ويجزئ شاة أو سُبع بدنة. وله نحره في حل أو حرم، وبه قال مالك والشافعي. فإن قدر على أطراف الحرم، فقيل: يلزمه نحره فيه، وقيل: ينحره في موضعه، لفعله صلى الله عليه وسلم.
وإن كان مفردًا أو قارناً، فله التحلل وقت حصره. وعنه: لا يحل، ولا ينحره إلا يوم النحر، لأن للهدي محل زمان ومكان. قال ابن المنذر: كل من نحفظ عنه: أن من يئس أن يصل إلى البيت، فجاز له الحل فلم يحل حتى خلا سبيله، ألا عليه أن يقضي مناسكه. وإن زال بعد فوات الحج، تحلل بعمرة. فإن فات الحج قبل زوال الحصر، تحلل بهدي. فإن لم يجد، صام عشرة أيام ثم حل؛ وبه قال الشافعي في أحد قوليه. وقال مالك: لا بد له، لأنه لم يذكر. وهل يلزمه الحلق مع الهدي؟ فعنه: لا، وعنه: بلى، لفعله صلى الله عليه وسلم. وفي وجوب القضاء على المحصر روايتان: إحداهما: لا يجب، وبه قال مالك والشافعي. والثانية: بلى، روي عن مجاهد وغيره، لفعله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية. ووجه الأولى: "أن الذين اعتمروا معه