للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين، جاز. فإن لم يخف على المسلمين، لكن لا يقدر عليهم إلا بالرمي، فقال الأوزاعي: لا يجوز، لقوله تعالى: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} الآية؛ ١ قال الليث: "ترك فتح حصن يقدر على فتحه، أفضل من قتل مسلم بغير حق".

ولا يجوز لمن أسر أسيراً أن يقتله حتى يأتي به الإمام فيرى فيه رأيه، فإن خافه أو خاف هربه أو امتنع من الانقياد معه بالضرب، فله قتله. فأما أسير غيره، فلا يجوز قتله، إلا أن يصير إلى حال يجوز فعله لمن أسره. فإن قتل أسيره أو أسير غيره أساء، ولا ضمان عليه؛ وبه قال الشافعي. وقال الأوزاعي: إن قتله قبل أن يأتي به الإمام ضمنه. ولنا: قصة بلال هو وعبد الرحمن. فإن قتل صبيا أو امرأة ضمن، لأنه صار رقيقاً بالسبي. وإن ادعى الأسير الإسلام، لم يقبل إلا ببينة، فإن شهد معه واحد وحلف خلّي. وقال الشافعي لا يقبل إلا بشهادة عدلين. ولنا: حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: "لا يبقى منهم أحد إلا أن يفدى، أو تضرب عنقه. فقال ابن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء، فإني سمعته يذكر الإسلام، فقال: إلا سهيل".

والأسارى من المجوس وأهل الكتاب الذين يقرون بالجزية، يخيّر الإمام فيهم بين القتل والمنّ بغير عوض والمفاداة والاسترقاق، وعن مالك كمذهبنا. وعنه: لا يجوز المنّ بغير عوض. وحكي عن الحسن وعطاء وسعيد بن جبير كراهية قتل الأسرى، وقال: منّ عليه أو فاداه كما فعل بأسارى بدر، ولأن الله تعالى قال: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} . ٢ وقال أصحاب الرأي: إن شاء


١ سورة الفتح آية: ٢٥.
٢ سورة محمد آية: ٤.

<<  <   >  >>